وخيرٌ للداعية أنْ ينتهي حديثه والناس في شوق إليه، وحرص على أن يزيد في حديثه، وأنْ يُطيل في وقته، هذا خير له من أن يطيل فيملوه ويتمنوا أن ينهي حديثه.
وعلى الدّاعية حين يتكلم أن يكون حديثه لمستمعيه بما يتناسب مع عقليتهم وثقافتهم، وما يتفق مع أعمارهم ولهجاتهم؛ لما روى الديلمي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أُمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم)).
وقد يكونُ الدّاعِيةُ غيرَ مُسَدّد حين يكون في بيئة لا يؤمن أهْلُها بكروية الأرض مثلًا، وكم يكون فاشلًا حين يُسَفّه رأي أهلها ويَرْمِهم بالجهل المُطبق والضلال المبين؛ بل عليه في مثل هذه الحالة أن يتحدث فيما هو أهم كقضايا التوحيد ومكارم الأخلاق وأحكام العبادات، ثم بعد هذا يتدرج مع أهلها شيئًا فشيئًا؛ حتى يصل معهم في نهاية الشوط إلى الإقرار بحقائق العلم، وأنها لا تتعارض مع نصوص القرآن الكريم، وكيف يكون التعارض والمنظمُ للكون واحد والمنزل للقرآن واحد وهو الله -عز وجل-؟!
من أجل هذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون التحدث للناس بما تتحمله عقولهم؛ حتى لا يكون لبعضهم فتنة، ففي مقدمة (صحيح مسلم) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: ((ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة)).
ومن أدب الداعية:
أن يُقبل في أحاديث على جلسائه جميعًا في كل شيء؛ في النظرات، في توجيه الأسئلة، في الإجابة عليها، في البشر والابتسامة، حيث يشعر كل واحدٍ منَ الحَاضِرين أنه يعنيه، ويَخُصّه ويقبل عليه. وبهذا الخلق يستطيع أن يَمْلِك قلوبهم، ويتفاعل معهم، ويُعمق آصرة المحبة والثقة بينه وبينهم، ويكون في