نقول في جواب هذا السؤال: إذا استطاع الداعية أن يبسط حديثه بشكل يفهمُ النّاسُ عنه فليفعل؛ وإنْ لَم يستطع، قد يجد نفسه مضطرًّا أن يتكلم معهم باللهجة أو باللغة التي يفهمونها؛ فلا بأس، فهذا من باب: ((أُمرت أن خاطب الناس على قدر عقولهم)).

وعلى الداعية في قوله أن يتأنَّى في الكلام؛ فلا يُسرع بل يتمهل حتى يستوعبَ السامع كلامه ويفهمَه؛ فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري: ((أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، حتى تفهم عنه)). وعلى الداعية أن يبتعد عن التفاصح والتعاظم والتكلف في نطقه، فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثًا. والتنطع في الكلام التفاصح فيه والتعمق.

وفي حديث آخر قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة؛ الثرثارون والمتشدقون والمُتَفَيهقون)) والمُتفيهق هو الذي يملئ فمه بالكلام، ويَتوسُّع فيه ويُغَرّب به؛ تكبرًا وارتفاعًا وإظهارًا للفضيلة على غيره.

وعلى الدّاعية أن يبتعد عن روح الاستعلاء على المدعو واحتقاره، وتحديه وإظهار فضله عليه، وإنّما عليه أن يكلمه بروح الناصح الشفيق الملخص المتواضع، الذي يَدل غيره على ما ينفعه ويعرفه به، على الداعي أن يُكَلّمه كمبلغ له معاني رسالة الله، لا أن يكلمه كمبلغ له فضله وعلمه.

إنّ ملاحظة هذه الأمور ضرورية جدًّا للداعي، وإذا لم يراعها انقطع ما بين قوله وبين قلب المدعو؛ فلا يتأثر بشيء مما يسمع، بل ينفر المدعو ولا يطيق سماع قول الداعي وإن كان حقًّا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015