وقد خلف علي -رضي الله عنه- خطبًا كثيرة نجد منها أطرافًا في (البيان والتبيين) و (عيون الأخبار) والطبري على أنه ينبغي أن نقف موقفًا الحذر مما يُنسب إلى علي -رضي الله عنه- من خطب في الكتب المتأخرة، وخاصة (نهج البلاغة) فإن كثرته وضعت عليه وضعًا، وقد تنبه إلى ذلك السابقون فنبهوا منه وحذروا.

ومن خطبه -رضي الله عنه- حين التقى جيشه بجيش معاوية في صفين خطب فقال: "الحمدُ لله الذي لا يُبرم ما نقض، ولا ينقض ما أبرم، لو شاء ما اختلف اثنان من هذه الأمة، ولا من خلقه، ولا تنازع البشر في شيء من أمره؛ ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله، وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الأقدار حتى لفت بيننا في هذا الموضع، ونحن من ربنا بمرأى ومسمع، ولو شاء لعجل النقمة ولو شاء لكان منه النصر، متى يكذب الله الظالم ويعلم المحق أين مصيره! ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال والآخرة دار الجزاء والقرار: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} (النجم: 31).

ألا إنكم لاقوا العدو غدًا إن شاء الله؛ فاطلبوا الليلة القيام، وأكثروا تلاوة القرآن واسألوا الله الصبر والنصر، والقوهم بالحد والحزم وكونوا صادقين".

نماذج من خطب الصحابة والتابعين

ومن خطبة عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- ينهى الحسين بن علي عن الخروج إلى العراق، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- للحُسين: "يا ابن عم، إنّي أتصبر ولا أصبر، وإني أتخوف عليك من هذا الوجه الهلاك والاستئصال، إن أهل العراق قوم غدر، فلا تقربنهم أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم، فلينفوا عدوهم ثم أقدم عليهم.

فإن أبيت إلّا أن تخرج فسر إلى اليمن؛ فإن بها حصونًا وشعابًا، وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيك بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015