والدين فيض من النور الإلهي والرحمة الربانية، يمتدُّ من السماء إلى الأرض ليضيء ظُلُمَاتِها، ويُبَدّد غياهب الجهالة فيها، ويؤدي رسالة الأولى في إصلاح المجتمع البشري، وتحقيق أسباب السعادة له.
فكانت هُناك الخُطَبُ المُتنوعة في الإسلام، كانت هناك خطب في الجهاد والحض على القتال، ولئن كان العربُ عَرفوا هذا النوع من الخطابة في الجاهلية، إلا أنه كان قتال ظلم وعدوان، أما في الإسلام فقد كان الجهاد والقتال لنشر الدعوة الإسلامية؛ لتكون كلمة الله هي العليا، ولإخراج الناس من عبادة العباد إلى عباة رب العباد، كذلك كانت في الإسلام خُطب الأملاك، وهي خطبُ النّكاح، وخطب المَحَافل والوفود.
وكان في الإسلام الخطب الدينية في الجُمعة والأعياد وغيرها، وامتازت الخطابة في عصر الإسلام عن عصر الجاهلية بعدة أمور، أهمها ما يلي: الأعياد والحَجّ وغير ذلك أخذها وجهة دينية في مثل خطب الجمع، واتباعها خطة سياسية تعمل على رأب الصدع وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة، والتحريض على الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، وتأسيس الملك بحالة تغاير ما كانت عليه العرب في الجاهلية.
صفاء ألفاظها وسهولة عباراتها، ومتانة أساليبها، وتجنبها سجعَ الكُهّان. قوة تأثيرها ووصولها إلى سويداء القلوب، وامتلاكها الوجدان والشعور بما يرقق القلوب القاسية، ويسيل الأعين الجامدة.
مُحاكاتها أسلوب القرآن الحكيم في الإقناع، واستمدادها من آياته، حتى اشترط بعض الأئمة اشتمال الخطبة على شيء من القرآن، بداءتها بحمد الله -عز وجل- والثناء عليه -سبحانه- والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه.
ولم يخرج الخطباء في عهد الإسلام في مألوفهم فيها قبل الإسلام؛ من الاعتماد على العصا ونحوها، والوقوف في أثناء الخطبة إلى غير ذلك.