سابعًا: الوصايا: قد يُشارف العظم في قومه على الموت؛ فيحس بالمنية فيوصي بنيه وعشيرته، بما يجب أن يكونوا عليه، وقد يرى زعيم القبيلة أن الموت يدب في جسمه دبيبًا، فيجمع قومه وخاصته، ويُلقي إليهم بما يكون كعهد بينه وبينهم، وقد حفظت الآداب العربية للعصر الجاهلي كثيرًا من الخطب في الوصايا، بلغتْ قِمّة البَيان؛ من ذلك وصية ذي الأصبع العدواني لابنه وأوس بن حارثة، ووصية أكتم بن صيفي لقومه.

ثامنًا: خُطب الزواج: لقد تَعَوّد الأشْرَافُ عند زواج ذويهم، أن يتقدم ولي الزوج إلى وليها، بخطبة يطلب فيها يد موليته؛ ويُبين مزايا الزوج، ويرد عليه وليها بخطبة كذلك، ويُسمى هذا النوع من الخطب "خطب الأملاك" ومن ذلك خطبة أبي طالب عندما تقدم يطلب يد السيدة خديجة بنت خويلد للنبي -صلى الله عليه وسلم.

وهكذا كانت للخطابة في الجاهلية مواقف كثيرة، أهمها ما ذكرنا من اجتماع القوم للتشاور في أمر من أمورهم؛ كالقيام بحرب، أو الإصلاح بين متنازعين، ويأتي في هذه المواقف خطب ومحاورات، ويتبع ذلك الوصايا التي يقدمها رَئيسُ القوم أو حكيمهم لقومه أو لأولاده، وفي أسواقهم كانت تقوم بينهم منافرات والمفاخرات، ويتعالى كل شخص أو قبيلة على الآخر، وكانت هذه تتناول كل شيء، حتى إن الخنساء وهند بنت عتبة تنافرتا في المصائب، وكل ادعت أنها أصيبت أكثر من الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015