عبيد وبشر بن المعتمر وثمامة بن أشرس والجاحظ وغيرهم كثيرون، غير أن بحوث أولئك الأدباء لم تجمع في كتاب مستقل، بل كانت متفرقة في الكتب وعلوم اللغة، ولم يعن أحد بتدوينها في كتاب مستقل لتكون علمًا قائمًا بذات، حتى ترجم إسحاق بن حنين كتاب (الخطابة) لأرسطو وشرحه الفارابي.

وقد جاء في (الفهرست) لابن النديم في أثناء سرد ما كتبه أرسطو في المنطق: "الكلام على ريطو ريقا ومعناه الخطابة. وقيل: إن إسحاق نقله إلى العربي، ونقله إبراهيم بن عبد الله وفسره الفارابي. رأيت بخط أحمد بن الطيب هذا الكتاب نحو مائة ورقة بنقل قديم، وقد أتى ابن سينا في كتاب (الشفاء) بلب كتاب (الخطابة) لأرسطو مع تصرف غير ضار به". وبنقل كتاب (الخطابة) لأرسطو صار في العربية قواعد للخطابة مدونة في بحث مستقل، وإن كان جزءًا من علم المنطق على ما سبقت الإشارة إليه.

أهمية الخطابة ومكانتها

إن الإنسان إذا عرف أهمية الشيء ومكانته في الحياة سعى إليه بكل طاقته وجهده؛ ليتحصل عليه وينال شرفه وفضله. والخطابة من أهم الأشياء في حياة الإنسان؛ لأن الإنسان بطبيعته مدني اجتماعي يحب الخلطة ويكره العزلة، فإذا خالط الناس فلا بد أن يحدث بينه وبينهم اختلاف أيًّا كان سبب هذا الاختلاف، وحينئذ فلا بد له ولغيره من محاولة كل منهما بإقناع الآخر برأيه، وهنا تأخذ الخطابة دورها في المعارك الدائرة هجومًا ودفاعًا. ومن هنا عرف الناس الخطابة منذ أن اجتمعوا في مكان واحد واستوطنوه، لأن الطبيعة تقتضي اختلاف الناس متى اجتمعوا سواء كان هذا الاختلاف في رأي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015