رأسه، فيُفْرَق فرقتين؛ ثم يُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحديد ما لحمه وعظمه؛ ما يصده ذلك عن دينه، والله ليُتِمّن الله هذا الأمر؛ حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).

رابعًا: الصدق:

لقد أمر الله -تبارك وتعالى- بالصِّدْقِ ومَدَح أهْلَه وبَيّنَ جَزاءهم؛ فقال -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِين} (التوبة: 119) وبين -سبحانه وتعالى- أنه في يوم القيامة ينفع الصادقين صدقهم، وأنهم سيفوزون برضوان الله والجنة: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} (المائدة: 119).

وحقيقة الصّدق حصولُ الشّيءِ وتَمَامُه، وكَمَالُ قُوّتِهِ واجْتِمَاعُ أجزائه، هكذا قال ابن قيم الجوزية في "مدارجه"، ويكون الصدق في القصد والقول والعمل، ومعناه في القصد: كمال العزم، وقُوّةُ الإرَادِةِ على السير إلى الله، وتَجَوّز العَوائق؛ ويكون ذلك بالمُبادرة إلى أداء ما افترضه الله عليه، وفي مقدمته الجهاد في سبيله، ومن الجَهاد في سبيل الله: الدَّعْوَةُ إلى الله -عز وجل.

أما صدق القول فمعناه نطق اللسان بالحق والصواب، فلا ينطق بالباطل أي باطل كان، ويَكُونُ الصِّدْقُ في الأعمال بأنْ تَكُونَ وِفْقَ المَناهج الشرعية، والمُتابعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإذا ما تحقق للمُسلم الصدق في القول والقصد والعمل، أدّى به ذلك إلى درجة أخرى في الصديقية، وهي التي أمر الله عباده المؤمنين بطلبها؛ موجهًا -جل جلاله- خطابه إلى رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} (الإسراء: 80).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015