خامسًا: أن يحذروا مكائد الشيطان، ووساوس النفس والهوى وفتنة العجب ومزالق الرياء.
فبتقديري أنّ الدعاة إلى الله إذا أدركوا هذه الحقائق واتصفوا بهذه المواصفات، ساروا صادقين في درب الإخلاص؛ ومَضوا مُخْلِصين في طريق الدعوة، وحقّق اللهُ -سبحانه- على أيديهم إصلاح البشر، وهِدَاية الشعوب، بل النّاسُ يتأثرون بهم، ويَسْتَجِيبُون لدعوتهم، ويَقْبَلونَ هُدى الله -عز وجل- طائعين مختارين.
ثالثًا: الصّبر:
والصبر قوة نفسية إيجابية فعالة؛ تَدْفَعُ المُتحلي بها إلى مقاومة كل أسباب الخور والضعف، والاستكانة والاستسلام، وتَحْمِلُه على الصمود والثبات أمام الفتن والمُغريات، وأمامَ المحن والمكاره والأحداث، إلى أن يَأذنَ الله له بالنصر، أو أن يلقى الله -عز وجل- وهو عنه راضٍ.
لقد سَلَك المُشركون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مسالك شتى في الأذى، وأساليبَ مُتنوعة في الاضطهاد؛ ليَصُدّوه عن دعوته؛ ويُثنوه عن أداء رسالته؛ فمَا استَكَانَ وما خضع؛ حتى بعد أن أذن الله له بالهجرة، حاربوه بحملات مُتعددة، وحروبٍ طاحنة؛ ليستأصلوا دعوته وأتباعه، فما كان ذلك يرده عن تبليغ الدعوة ونشرها في الأرض، وظل -صلى الله عليه وسلم- صابرًا داعيًا مجاهدًا محتسبًا، ماضيًا في طريق إعزاز دين الله؛ حتى جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجًا.
ألا فليتخذ الدُّعاة من مواقف صاحب الدعوة -صلى الله عليه وسلم- قدوة وأسوة، إن أرادوا أن يبنوا لأمّتهم مجدًا، ولبلاد الإسلام عزًّا وللمسلمين وحدة وقوة ومكانة، فإن الله -تبارك وتعالى- أمر المؤمنين بالتأسي بالنبي الأمين؛ فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).