وفينا بمعنى علينا، قال الله تعالى " ولأصلبنكم في جذوع النخل ".
وهي متعلقة بفضلتم، وكذلك الباء، ولا موضع لهما من الإعراب، لتعلقهما بظاهر.
وأما قول جذع بن سنان: نزلت بشعب وادي الجن؛ فإن: الشعب: الطريق في الجبل.
وقوله: رأيت وجوههم وسماً صباحاً، فالوسم: جمع وسيم، وهو الذي عليه سمة الجمال، وكذلك الصباح واحدهم صبيح، شبهه بالصباح في إشراقه.
وطهيت طبخت، يقال: طهيت اللحم، وطهوته، فانا طاهٍ. وقوله: لا أبغي لذلكم قداحاً، أي أطلب ضرب القداح، لأنهم كانوا إذا أرادوا فعل أمر ضربوا بالقداح، فإن خرج القدح الذي عليه مكتوب: افعل، فعل الأمر وإن خرج الذي عليه لا تفعل لم يفعله.
وقوله: أسأت الظن فيه يقول: أسأت الظن بضرب القداح، والتعويل على ما يأمر به الجن وينهي عنه، وعلمت أن ما أمرتني الجن به أحرى بأن لا أعول عليه؟.
وهذا نحو ما فعل امرؤ القيس بن حجر.
وذلك أن بني أسد لما قتلوا أباه جيش جيشاً، وعزم على غزوهم، فقيل له: لا تنهض حتى تشاور ذا الخلصة، وكان صنماً باليمن، يستقسم عنده بالأزلام!.
فأتى إليه ونزل عن فرسه، وسجد بين يدي الصنم، وشكا إليه بني أسدٍ، وقتلهم لأبيه، وأنه يريد أن يغزوهم؟!.
ثم قال للسادن: أجل القداح!، فأجالها، فخرج السهم المكتوب عليه: لا تفعل! فقال له السادن: قد نهاك ربك عن الغزو!.
فانصرف فسجد ثانية، وأكد الرغبة، وقال للسادن: أجل القداح!.
فأجالها، فخرج الذي عليه: لا تفعل! فسجد ثالثة، وأجال القداح السادن، فقال: لا تفعل!! فقال امرؤ القيس: ناولني القداح، فناوله إياها فقال:
لو كنتَ ياذَا الْخَلصة الموْتورا ... دُونِي وَكَانَ شيْخُكَ المقْبُورَا
لم تَنْهَ عنْ قتل الأعادي زُورَا!!
ثم كسر القداح، وضرب بها وجه الصنم، ونهض لطيته، ولم ينثن عن وجهته، وظن الناس أنه سيهزم، وواقع بني أسد، ورجع من سفره سالما غانماً، فهان على الناس أمر الصنم، وبات عطلاً لا ينهض إليه أحد، حتى جاء افسلام، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فهدمه!.
وقوله: سدَى صراحاً: السدى: المهملة التي لا يردها أحد، والصراح الظاهرة.
والذباح: بضم الذال - نبات يقتل من أكله، ويسمى الذبح أيضاً، قال الراجز:
يسقيهم مِن خِلَل الصِّفاحِ ... كأْساً من الذِّيفان والذُّباحِ
ومن روى ذباحا بكسر الذال جعلها جمع ذبيح.
وقوله: يتيح لمن ألم به اجتياحا، أي يقدر ويجلب، يقال: أتاح الله كذا، أي قدره.
وألم نزل، والاجتياح: الاستئصال.
والقرم السيد، وأصله الفحل من الإبل.
والكفاح: ملاقاة الأعداء.
وأنشد أبو القاسم في باب ماذا:
أَلاَ تَسْأَلاَنِ المرءءَ مَاذَا يحاوِلُ ... أَنَحْبٌ فَيُقْضَى، أمْ ضَلاَلٌ وَبَاطِلُ؟
هذا البيت للبيد بن ربيعة العامري، وقد تقدم الكلام في اسمه. والنحب: ما ينذره الإنسان على نفسه، ويوجب عليه فعله على كل حال، وغنما ذكر شدة رغبة الإنسان في الدنيا، وحرصه عليها، فقال: اسألوه عن هذا الأمر الذي هو فيه: أهو نذره على نفسه، فرأى أنه لا بد من فعله، أو هو في ضلال، وباطل من أمره؟! وما في موضع رفع، بالابتداء، وذا خبره، ويحاول من صلة ذا، وهو بمعنى الذي، كأنه قال: أي شيءٍ الذي يحاوله؟ وقوله: أنحب مرتفع على أنه خبر مبتدأ مضمر، كأنه قال: أهو نحب، جاز أن تكون ما مرفوعة الموضع، وجاز أن تكون منصوبة الموضع ويقضى في موضع نصب على جواب الاستفهام.
وهذا البيت: أول قصيدة للبيد، يذم فيها الدنيا، ويحض على الزهادة فيها، وبعده:
حبائُلهُ مَبْثُوثة بسَبيلهِ ... ويَعْيا إذا ما أخْطَأتْه الَحْبَائِلُ!
وكلُّ امرئٍ يوماً سَيَعْلَم سَعْيَهُ ... إذا حَصَلَتء عند الإلَهِ المحاصَلِ!
وكل أُناسٍ سَوْف تَدخُل بينهم ... دُوَيْهيةٌ تصفرُّ مِنْها الأنَامِلُ!
وأنشد أبو القاسم في باب الصلات:
تَعَالَ فإنْ عاهَدْتَّنِي لاَ تَخُونُنِي ... نكنْ مثْل مَنْ يا ذئْبُ يَصْطَحِبانِ
هذا البيت: للفرزدق، من شعر زعم فيه أنه نزل في بعض مناهله، فرأى الذئب ناره، فأتاه، وذكر أنه أطعمه من زاده، قال: