فقال -عليه الصلاة والسلام-: أفلا جعلته في أعلى الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منَّا))، فهذه صورة من صور احتسابه -صلى الله عليه وسلم- في الأسواق.

وصور احتسابه كثيرة جدًّا، بل كل ما أسداه للأمة، ووجهها إليها من خير وإن كان تكليفًا من ربه -عز وجل- فهو صور حسبية، لكن من أمثلة احتسابه -صلى الله عليه وسلم- في الأسواق ما ثبت في الصحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن الناس كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهده -صلى الله عليه وسلم- فبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث تباع الأطعمة".

وفيه أيضًا عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: "رأينا الذين يبيعون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيعوه حتى يذهبوا به إلى رحالهم".

وصور احتسابه -صلى الله عليه وسلم- في الأسواق وغيرها كثيرة، وهذه مجرد أمثلة، ولا نستغرب قيامه -صلى الله عليه وسلم- بهذه العمل بنفسه؛ فقد كان -صلى الله عليه وسلم- في مدينته النبوية يتولى جميع ما يتعلق بولاة الأمور، ويولي الأماكن البعيدة عنه بعض الصحابة، كما عرفنا من قبل توليته لعمر على سوق المدينة، ولسعيد بن العاص على سوق مكة، كما ولى على مكة أيضًا عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن العاص، وعلى قرى عرينة خالد بن سعيد، وبعث عليًّا ومعاذًا إلى اليمن.

وذكر ابن عساكر أن النبي -صلى الله عليه وسل م- ولى عبد الله بن سعيد سوق المدينة، وكذلك كان يؤمر على السرايا، ويبعث على الأموال الزكوية السُّعاة، فيأخذونها ممَّن هي عليه، ويدفعونها إلى مستحقيها الذين سماهم الله تعالى في القرآن، فيرجع الساعي إلى المدينة وليس معه إلا السوط، لا يأتي النبي -صلى الله عليه وسل م- بشيء إذا وجد لها موضعًا يضعها فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015