يسقط عن المكلف لكونه لا يفيد في ظنه، بل يجب عليه فعله، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فإن الذي على المسلم الأمر والنهي لا القبول.
يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في (جامع العلوم والحكم): وقد حكى القاضي أبو يعلى روايتين عن أحمد في وجوب إنكار المنكر على من يعلم أنه لا يقبل منه، وصح القول بوجوبه، وهذا قول أكثر العلماء، وقد قيل لبعض السلف في هذا، فقال: يكون لك معذرة، يعني: أؤمر وانهِ، وإن لم يقبل منك يكون لك معذرة أنك أبرأت ذمتك، وقمت بما فرض الله -تبارك وتعالى- عليك، وهذا كما أخبر الله تعالى عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنهم قالوا لمن قال لهم: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون} (الأعراف: 164).
قال الحافظ ابن رجب: وقد ورد ما يستدل به على سقوط الأمر والنهي عند عدم القبول والانتفاع به، ففي (سنن أبي داود) وابن ماجه، والترمذي عن أبي ثعلبة الخشني أنه قيل له: كيف تقول في هذه الآية {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}؟ قال: سألت عنها خبيرًا، أما والله لقد سألت عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((بل ائتمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا وهوى متعبًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك رأي العوام)).
وفي (سنن أبي داود) عن عبد الله بن عمر قال: بينما نحن جلوس حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ ذكر الفتنة فقا ل: ((إذا رأيتم الناس مرجت عقولهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا وشبك أصابعه، فقلت له: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ فقال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة)).