وكذلك روي عن طائفة من الصحابة في قول الله: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قالوا: لم يأتِ تأويلها بعد إنما تأويلها في آخر الزمان.

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إذا اختلفت القلوب والأهواء، وألبستم شيعًا، وذاق بعضكم بأس بعض، فيأمر الإنسان حينئذ نفسه، فهو حينئذ تأويل هذه الآية".

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم".

وقال جبير بن نفير عن جماعة من الصحابة قالوا: "إذا رأيت شحًّا مطاعًا وهوًى متبعًا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك حينئذ بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت".

وعن مكحول قال: "لم يأتِ تأويلها بعد إذا هاب الواعظ، وأنكر الموعوظ فعليك حينئذ بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت".

وعن الحسن أنه كان إذا تلا هذه الآية قال: "يا لها من ثقة ما أوثقها، ومن سعة ما أوسعها".

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "وهذا كله قد يحمل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف أو خاف الضرر سقط عنه".

وكلام ابن عمر يدل على أن من علم أنه لم يقبل منه لم يجب عليه.

كما حكي رواية عن أحمد، وكذلك قال الأوزاعي: "أؤمر من ترى أن يقبل منك".

وقال ابن النحاس في كتابه (تنبيه الغافلين): قال الغزالي: "إذا علم أن كلامه لا ينفع ولا يفيد لا يجب عليه الإنكار؛ لعدم الفائدة؛ ولكن يستحب؛ لإظهار شعائر الإسلام؛ وتذكير الناس بالدين".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015