ويعصم ويعافي فضله، ويضل من يشاء ويقدر ويبتلي عدلًا، وما على المسلم إلا أن يأمر وينهى ويدل ويرشد ويهدي، وهذه هي هداية البيان التي كلف الله بها رسوله وأتباعه؛ ولذلك قال الله تعالى للنبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَإِنَّ كَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} (الشورى: 52).

هذه الهداية التي أثبتها الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- هي هداية الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن ال منكر، كما قال: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المؤمنون: 73)، ف علينا أن نأمر بالمعرو ف وأن ننهى عن المنكر، وأن ندعوا إلى الله قيامًا بالواجب الذي فرضه الله علينا، ومعذرة إلى ربنا، وإقامة للحجة لله على عباده أنه بلغتهم دعوة الله -سبحانه وتعالى- ثم بعد ذلك من شاء الله أن يهديه هداه، ومن يشأ أن يضله أضله، ويكون المسلم قد أمر بالمعروف ون هى عن المنكر طاعة لله ولرسوله.

فعلينا إذًا أن نستمر في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا كلل ولا ملل ولا فتور؛ لأن واجبنا هو البلاغ والتبيين، وأما الهداية فإلى الله -عز وجل.

ولقد لبث نوح -عليه السلام- في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله -عز وجل- وهكذا كان رسل الله -عليهم الصلاة والسلام- يدعون أقوامهم مدة حياتهم؛ فمنهم من استجاب له قومه أو بعضهم ومنهم من لم يستجب له أحد كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد)).

وبذلك صرح أئمة السلف -رضوان الله عليهم أجمعين- في أن المسلم مكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء استجاب الناس له أو لم يستجيبوا له، وأن هذا الواجب لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015