وفي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على زينب بنت جحش -رضي الله عنها- ذات ليلة وهو يقول: ((لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعيه، قالت: قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث))، وقد قال الله تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الأنفال: 25).
وكما أن المعصية سبب المصيبة والعذاب، فإن الطاعة سبب النعمة والرخاء ورضوان الله تعالى، وبذلك جرت سنة الله -عز وجل- كما قال -عز وجل-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7)، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (النحل: 41، 42)، وقال تعالى: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 148).
فالطاعة تجلب الخير والبركة والرحمة، والمعصية تجلب العذاب واللعنة، ولن تدفع اللعنة، ولن تستجلب الرحمة إلا بالقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه هي الحكمة من مشروعية الحسبة.
وأما مراتبها: فقد أشار إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم وغيره، وهو حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبلقبه، وذلك أضعف الإيمان)).
تكلم الحافظ ابن رجب -رحمه الله- عن هذا الحديث في كتابه القيم (جامع العلوم والحكم)، وأورد الروايات لهذا الحديث المتصلة والمنقطعة، ثم قال