للحكام والبرلمانيين والدبلوماسيين؛ ففي تشريعها ما يُسمى بالحصانة؛ إما الدبلوماسية أو البرلمانية.
هذه هي المقارنة بين الحسبة والنيابة العامة من حيث الاختصاصات والصلاحيات؛ أما من حيث سلطات والي الحسبة، ورئيس النيابة العامة، فنقول: قد تقدم الكلام عن اختصاصات الحسبة، بأنّ لهذه الولاية ومن يُمثلها من قوة السلطنة والهيبة والرهبة، ما يردع المخالفين والمشتغلين بالمنكرات، التي تدخل ضمن دائرة عمل المحتسب؛ وما تِلْكَ القُوّة والهيبة إلّا لأنّ المُحْتَسب له من السلطات والصلاحيات التأديبية والعقابية ما يعينه على أداء مهمته.
ولهذا نرى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقرر ذلك فيقول: "إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية؛ فإن الله يذع بالسلطان ما لا يذع بالقرآن". ولذا جَعَل اللهُ وهو الشارع سبحانه لأحكام الدين في يد ولي الأمر أو الذي يفوضه بدوره والي الحسبة سلطات تعزيرية لا ترقى إلى الحدود؛ لإلزام المنحرفين الحق، وأطرهم عليه أطرًا.
وقد تكلمنا بالتفصيل عن الصلاحيات التأديبية التي هي للمحتسب الوالي، ولا مانع أن نعدد بعضها في النقاط التالية:
أولًا: الهَجْرُ: كأنْ يرى الوالي أن يهجر فاعل المعصية مدة محدودة، أو يأمر بعض أعوانه بمقاطعتهم؛ مثل أن يعثر على صاحب محلٍ تجاري قد اشتُهر بالغش، والتدليس والتطفيف.
ثانيًا: الضرب هو أن يضرب المذنب: بشرط أن لا يبلغ بذلك أربعين جلدة، وهو أقل حدٍّ في الإسلام، على رأي من رأى أن حد شارب الخمر أربعون وليس ثمانين. وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يعلو بدرته من أرتكب منكرًا.
ثالثًا: النَّفْيُ هو: التّغريب عن الوطن؛ فإنّه يَجُوزُ لوالي الحسبة باستصدار أمرٍ من ولي الأمر؛ بنفي من لديه إجرام، ولم ينفع معه العقاب، أو يخشى من فتنته؛ حتى ولو لم يُعاقب كما فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بنفي نصر بن حجاج الذي افتتنت به النساء في عهده؛ وكما فعل أبو بكر -رضي الله عنه- بنفي أحد المخنثين، ونفى عمر من شرب الخمر إلى خيبر.
رابعًا: الحَبْسُ: ويَكُون ذلك في حالات مُعَيّنة حسب نوع الذنب الذي ارتكبه المُخالف، أو إذا تكرر منه فعل الذنب، ولم يستفد من النُّصح، وما هو قبل الحبس من درجات إنكار المنكر.
خامسًا: التشهير: والمقصود به إعلان ذنب المُذنب؛ ليكون جزاءً له، وردعًا لغيره مما يحاول إتيان فعله.
سادسًا: العقوبة المالية: وبها عزَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما أباح سَلَبَ من يصطاد في حرم المدينة؛ لمن وجده وأمر بكسر دنان الخمر.
وهذه الصور التي تقدمت هي من أقصى العقوبات التي تدخل ضمن سلطات والي الحسبة، وهناك سلطات تأديبية أخرى أخف، وهي في العادة لا يحتاجُ المُحْتَسبُ فيها إلى إذن ولي الأمر ومنها:
أولًا: الإعْلَامُ: وصورته أن يقول المحتسب الوالي لفاعل المعصية: لقَدْ بلغني عنك أنك فعلت كذا وكذا، وذلك بقصد نهيه عن الوقوع في الذنب والمعصية مرة أخرى.
ثانيًا: الوَعْظُ: وصورته أن يعظ الوالي المذنب ويخوفه بعذاب الله، ويأمره بتقوى الله، ويُبين له حُرْمَة ما وقع فيه من الذنب، ويوضح له مَغَبّة عمله في الدنيا والآخرة.
ثالثًا: العِتَاب: التي تَشُوبه الحكمة، ولا يدخله التسرع والتشنج الذي قد يفسد ولا يصلح.
رابعًا: التَّهْدِيدُ والتّخويف: ويَلجأ إلى هذا الأسلوب هو نوع من سلطاته، عندما يُظهر المُذْنِبُ عَدَمَ المبالاة، والاكتراث بما يسمع من النصح؛ فعند إذن يهدده والى الحسبة بأنه إذا عاود فعل الذنب مرة أخرى؛ فسوف يعاقبه.
أما سلطات النائب العام: فإنّ المُلتمس لصلاحيات وسلطات النائب العام في كتب القانون والإجراءات الجنائية، لا يجد سوى بعض الصلاحيات في الناحية المالية، لا تتعدى في مُجْمَلِها مائة جنية، وقد سبقت الإشارة إليه في اختصاصات النيابة العامة، والإذن بإصدار الأوامر الجنائية في بعض الجنح. والتي تتلخص في:
- إهانة أو تهديد موظف عمومي، أو أحد رجال الضبط، أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية، أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، والجرح أو الضرب دون