فالمنكرات التي تنكرها الحسبة؛ هي نفسها المنكرات التي جاءت في الشريعة الإسلامية، بينما لم يكن هو نفسه ضابط المنكرات التي تتصدى لها النيابة العامة، وإن وافقت الحسبة في إنكار بعضها.
وإذا ما أرَدْنا أن نَعرف المُنكر حَقيقة هو: المُنكر في الشرع؛ والمقنن من البشر، الذي تتحكم فيه عدة نوازع، قد يجعل ما هو معروفًا في الشرع منكرًا، وما هو منكر معروفًا.
النقطة الثانية من الاختلافات: أنّ نظام النيابة العامة لا يتعلق بالمخالفات أو المنكرات التي تقع من المكلفين فقط، وهي ما يُسمى في الإسلام بالمعاصي؛ أمّا نِظَامُ الحِسْبَة في الإسلام؛ فهو يشمل المنكرات جميعًا، بهذا يكون مَجَالُه أوْسع حيثُ يتناول جميع المنكرات التي تقع من المكلفين وغيرهم.
النقطة الثالثة: الحسبة من حيث القيام بها هي الفروض التي يطالب بها كل مسلم على سبيل وجوب العيني أو الكفائي، وسواء وجدت ولاية الحِسْبَة أم لم توجد؛ فإنّ استمرارية وجوب الحِسبة قائمة على أساس ذلك، الوُجوب يُثاب من يقوم بها، ويُعاقب ويُؤاخذ المُجتمع التي لا تقوم فيه، بينما النِّيابَةُ العَامّة منوطة بقيام دولة تنظمها، ليقوم النائب العام بالدعوى العمومية، وسواء قامت بها الدولة أو لم تقم بها فإن ذلك من الأعمال التي الأصل فيها الإباحية. فسواء أقيمت أم لم تقم فما يتعلق بها حكم الوجوب أو المؤاخذة بخلاف ما رأينا في الحسبة.
النقطة الرابعة: كما رأينا فيما تَقَدّم أنّ الحِسبة في شموليتها واتساع نطاق اختصاصها؛ فإنّه ليسَ هُناك مستثنى في المجتمع ولا حصانة؛ فإن الناس داخل المجتمع الإسلامي يدخلون ضمن اختصاصاتها حُكامًا ومحكومين؛ والنصيحة بينهم قائمة، وهِي تمثل الحسبة بخلاف النيابة العامة، فإنها بعملها واختصاصاتها تقفُ عند حدودٍ بالنسبة