الجرائم ومباشرتها أمام القضاء، وإنْ كَان المَيزانُ مُختلفًا؛ فإنّ ما تراه الحسبة مُنكرًا في بعض الأمور، لا تراه النيابة العامة مُنكرًا، وهنا لا يكون التشابه على الإطلاق.
النقطة الثانية: التقاء الحسبة مع نظام النيابة العامة في أن كلًّا منهما يَقُوم بالفَصْلِ في الدعاوى البسيطة؛ حيثُ أنّ المُحتسب يقوم بالفصل فيما رفه عنه القضاء، كدعاوي البخس والتطفيف في الميزان، وكذلك الدعاوى التي تتعلق بالغش والتدليس في المبيع والثمن، كما أنّ القَانُون المصري، وهو من القوانين التي تُطَبِّقُ نظام النيابة العامة أعطاها الحَقَّ في إصدار أوامر جنائية، بعقوبة الغرامة التي لا تتجاوز مائة جنية مصري بالنسبة لبعض الجرائم البسيطة، التي تستلزم سرعة الفصل، وذلك تخفيفًا على القضاء.
ما هي أوجه الاختلاف بين النظامين؟
مِمّا لا شَكّ فيه: أنّ الفرق بينهما يَظْهَرُ بأقل نظر، فهناك مُفارقات واختلافات كثيرة بين النظامين، سواء في الجوهر أو الشكل، وذلك راجع لاختلاف الحاصل في الأسس التي قام عليها كل منهما، وفي الأصل والمصدر؛ ثُمّ في الغاية والهدف.
فكما سبق وكررنا مراتٍِ أنّ نِظَامَ الحِسْبَة قائمٌ على مبدأ رباني عظيم، هو تطبيقٌ عمليٌّ لذلك المبدأ ألا وهو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومصدره من يعلم ما يصلح خلقه، ويصلح له. أما نظام النيابة العامة فمصدره البشر.
وعلى كل حال، فيمكن أن نجمل اختلافهما في الاختصاصات في النقاط التالية:
أولًا: كما أشرنا في أحدى نقاط التشابه، بأن كلًّا منهما يقوم بمكافحة المُنكرات؛ لكنْ مع تَشابُههما في ذلك؛ فإنّ بينهما أيضًا في هذه النُّقطة اختلافات جَوهريّة؛