هذه هي أبرز ما كان ينظر فيه والي المظالم في النظم الإسلامية، التي قامت لمختلف الدول الإسلامية في الماضي، والتي لا تزال ينظر في بعضها اليوم، ولكن تحت مسميات أخرى كمحاكم النقض، أو التمييز، أو هيئة المظالم، كما عليه الحال في المملكة العربية السعودية اليوم.
وجه الشبه والفرق بينها:
فيقول الماوردي -رحمه الله-: "اعلم أن الحسبة واسطة بين أحكام القضاء وأحكام المظالم؛ فأما ما بينها وبين القضاء، فهي موافقة لأحكام القضاء من وجهين، ومقصورة عنه من وجهين، وزائدة عليه من وجهين؛ فأما الوجهان في موافقتها لأحكام القضاء:
فأحدهما: جواز الاستعداء إليه، وسماعه دعوى المستعدي على المستعدى عليه في حقوق الآدميين، وليس هذا على عموم الدعاوى؛ وإنما يختص بثلاثة أنواع من الدعوى:
أحدها: أن يكون فيما يتعلق ببخس وتطفيف في كيل أو وزن.
والثاني: ما يتعلق بغش أو تدليس في مبيع أو ثمن.
والثالث: فيما يتعلق بمطل وتأخير لدين مستحق، مع القدرة على أدائه.
وإنما جاز نظره في هذه الأنواع الثلاثة من الدعاوى، دون ما عداها من سائر الدعاوى؛ لتعلقها بمنكر ظاهر، هو منصوب لإزالته، واختصاصها بمعروف بين هو مندوب إلى إقامته؛ لأنّ موضوع الحسبة إلزام الحقوق، والمعونة على استيفائها، وليس للناظر فيها أن يتجاوز ذلك إلى الحكم الناجز والفصل البات، فهذا أحد وجهي الموافقة.