والوجه الثاني: أنّ له إلزام المُدّعى عليه للخروج من الحق الذي عليه، وليس هذا على العموم في كل الحقوق، وإنما هو خاص في الحقوق التي جاز له سماع الدعوى فيها؛ وإذا وجبت باعتراف وإقرار مع تمكنه وإيثاره؛ فيُلزم المقر الموسر الخروج منها، ودفعها إلى مُسْتَحِقِّيها؛ لأنّ في تأخيره لها منكرًا هو منصوب لإزالته.

وأما الوجهان في قصورها عن أحكام القضاء:

فأحدها: قصورها عن سماع عموم الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات، من الدعاوى في العقود والمعاملات، وسائر الحقوق والمطالبات، فلا يجوز أن ينتدب لسماع الدعوى لها، ولا أن يتعرض للحكم فيها، لا في كثير حقوق ولا في قليلها، من درهم فما دونه؛ إلا أن يرد ذلك إليه بنص صريح، يزيد على إطلاق الحسبة، فيجوز ويصير بهذه الزيادة جامعًا بين قضاء وحسبة، فيراعي فيه أن يكون من أهل الاجتهاد، وإن اقتصر به عن مطلق الحسبة؛ فالقضاة والحكام بالنظر في قليل ذلك وكثيره حق فهذا وجه.

والوجه الثاني: أنها مقصورة على الحقوق المُعْتَرف بها؛ فأما ما يتداخله التجاحد والتناكب، فلا يجوز له النظر فيه؛ لأنّ الحاكم فيها يقف على سماع بينة، وإحلاف يمين، ولا يجوز للمحتسب أن يسمع بينة على إثبات الحق، ولا أن يحلف يمينًا على نفي الحق، والقضاة والحكام بسماع البينة، وإحلاف الخصوم أحق.

وأما الوجهان في زيادتها على أحكام القضاء:

فأحدهما: أنه يجوز للناظر فيها أن يتعرض لتصفح ما يأمر به من المعروف، وينهى عنه من المنكر، وإن لم يحضره خَصمٌ مستعدٍ، وليس للقاضي أن يتعرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015