التولية سابقًا، ونظام القضاء حديثًا؛ هو الذي يحدد تلك الصلاحيات والاختصاصات, فقد يكون القاضي عام النظر، خاص العمل، بمعنى أن له أن يُمارس القضاء في كل المَشَاكل التي تُعرض عليه؛ لكن في حدود مدينة واحدة لا يَخْرُج سلطانه إلى غيرها. وقد يكون العكس خاص النظر عام العمل، بمعنى أن له أن ينظر ويقضي في مسائل خاصة ومعينة، كالطلاق والنكاح وما يتعلق بهما، لا في مدينة بعينها بل في سائر أنحاء الدولة.
أما إذا كانت ولاية القاضي عامة مطلقة التصرف في كل أمر؛ فنظره مشتمل على عشرة أحكام، كما قرره الماوردي -رحمه الله- وهو أول وأدَقُّ من تعرض لتحْدِيدِ صَلاحيات القضاء والمظالم والحسبة، ولكل من كتب بعده فيما اطلعت عليه يكادون يكونون عالة عليه في هذا.
والأحكام العشرة التي ذكرها، والتي نعتبرها محددة لصلاحيات القضاء في الإسلام، لا سيما في الماضي هي:
فصل المنازعات، وقطع التشاجر والخصومات، إما صلحًا عن تراضي ويُراعى فيه الجواز، أو إجبارًا بحكم بات يعتبر فيه الوجوب.
ثانيًا: استيفاء الحقوق ممن مطل بها، وإيصالها إلى مُسْتَحِقّيها بعد ثبوت استحقاقها، بإقرار أو بينة، ورفع دعوى بذلك من صاحب الحكم.
ثالثًا: إثبات الولاية لمن كان ممنوع التصرف بجنون أو صغر، والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو تفليس؛ حفظًا للأموال على مستحقيها، وتصحيحًا لأحكام العقود فيها.
رابعًا: النظر ف ي الأوقاف بحفظ أصولها، وتنمية فروعها، وصرفها في سبيلها.
خامسًا: تَنْفِيذ الوصايا على شروط الموصي؛ فيما أباحه الشرع.