واستمر الحال على ذلك حتى جاء عهد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله ورضي عنه- فكان قمةً في رَدِّ المَظَالِم إلى أهلها، وراعى السنة العادلة وأعادها، ورد مظالم بني أمية على أهلها، ثم جلس لها خلفاء بني العباس؛ وكان أوّل من جلس منهم هو المهدي، ثم الهادي، ثم هارون الرشيد، ثم المأمون؛ إلى أن كان آخر من جلس منهم المهتدي.

وعلى ذلك سارت الحكومات الإسلامية المختلفة في شتى بقاع الأرض، وقد يتولاها من هو دون رياسة الدولة فيمثلها، إلى أن تميزت فيما بعد ذلك بكيانها الخاص، وخُصِّصَت لها مَحْكَمة مُعَيّنة ونظم، حين أصبح هذا ضروريًّا، اقتضته ظروف كثرة المظالم وانتشار واستشراء استغلال السلطة والنفوذ، واستفحال الطغيان من الأقوياء على الحقوق العامة والخاصة.

وهذه الولاية تحمل اسمها ورسمها، في كثير من خصائصها في المملكة العربية السعودية، أما في بقية البلاد الإسلامية، فتحمل أسماء أخرى من أظهرها "محكمة النقض".

المقارنة بين ولاية الحسبة وولاية القضاء وولاية المظالم من حيث الاختصاص

أمّا من حَيثُ الاختصاصات: فتَحَدّثنا عن اختصاصات المُحتسب، وصلاحياته في درس سابق، ونَحنُ نُوجز صَلاحيات المُحتسب ونذكر بها باختصار؛ وهي: الاستدعاء والتهديد، التوبيخ والتبكيت، الهجر، التشهير، الغرامة المالية، الصلب، السجن، النفي، الضرب.

أما اختصاصات وصلاحيات ولاية القضاء: فولاية القضاء شأنُها شأن أي ولاية أخرى؛ ليست لها صلاحيات ثابتة، لا يُمكن أن يُزَادَ عليها ولا يُنقص منها؛ فهي تختلفُ باختلاف رأي من يقوم بتولية القاضي، وغالبًا ما كان خطاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015