ومنها تأثر القضاء بالسياسة؛ لأنّ الخُلَفاء العباسيين كانوا يريدون إضفاء الشرعية على بعض أعمالهم.
وهُناك أمر آخر قد تميز به القضاء في هذا العهد وهو: أنّ سُلْطَة القاضي قد اتسعت؛ فشملت الفصل في الدعاوى، والأوقاف، وتنصيب الأوصياء.
ومما تميز به القضاء في هذا العصر استحداث وظيفة "قاضي القضاة" وأول من لُقِّبَ به القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة؛ حيث منح سلطات واسعة فيما يتعلق بشئون القضاء والقضاة، وهذه الوظيفة تُشْبِهُ إلى حد ما وظيفة وزير العدل في عصرنا.
وظَلّ القضاء في مختلف الدول الإسلامية التي قامت فيها يستمد روحه ومنهجه من الكتاب والسنة، واجتهاد الفقهاء إلى أن رزحت معظم البلاد الإسلامية في القرن الماضي تحت أنير الاستعمار الغربي البغيض؛ فكان من نتاج هذا الغزو الفكري والعسكري أن أورثوا في البلاد والتي حكَموها أنظمة قضائية وضعية، لا زالت غالبية الدول الإسلامية القَائِمَة اليوم للأسف تطبق هذه القوانين والأنظمة على شعوبها المسلمة؛ فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفق الحكام في كل البلاد الإسلامية إلى أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وأن يطبقوا أحكام ربهم بين شعوبهم.
أما عن نشأة المظالم في الإسلام: فولاية المظالم ولاية تحمل ملامح سياسية واضحة، تَمتزِجُ بها سَطوة السلطة بصفة القضاء، ولها من فضل الهَيْبَةِ وقُوّة اليَد ما ليس للقضاء في كف الخصوم عن التجاحد، وما للظلمة من التغالب والتجاذب، وهي بوضعها الخاص