فهو أحمق، والكيّسُ من شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففي الحديث: أنّه -صَلّى اللهُ عليه وسلم- سُئِل عَن أكْيَسِ النّاسِ، قَالَ: ((أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولئك الأكياس)).
ولِهَذه الرُّتبة أدَبَان:
أحدهما: ألا يُقْدِم عليه إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف.
والثاني: ألّا يَنْطِق إلا بالصّدق، ولا يسترسل فيه، فيطلق لسانه الطويل بما لا يحتاج إليه، بل يقتصر على قدر الحاجة.
فإنْ علم أن خطابه بهذه الكلمات الزاجرة ليست تزجره، فلا ينبغي أن يُطلقها بل يقتصر على إظهار الغضب والاستحقار له، والازدراء بما حله لأجل معصيته، وإنْ عَلِمَ أنه لو تكلم ضُرِب، ولو اكفهر وأظهر كراهة لوجهه أن يضرب لزمه، ولم يكف الإنكار بالقلب بل يلزمه أن يُقَطِّبَ وجهه ويظهر الإنكار له.
الدرجة الخامسة: التّغيير باليد: وذلك ككسر الملاهي، وإراقة الخمر، وخلع الحرير من رأسه وعن بدنه، ومنعه من الجلوس عليه، ودفعه عن الجلوس على ماء الغير، وإخراجه من الدار مغصوبًا بالجر برجله، وإخراجه من المَسْجِدِ إذا كان جالسًا وهو جنب وما يجري مجراه، ويُتصور ذلك في بعض المعاصي دون بعض.
فأما معاصي اللسان والقلب، فلا يقدم على مباشرة تغييرها، وكذلك كل معصية تَقْتَصِرُ على نفس العاصي وجوارحه الباطنة، وفي هذه الدرجة أدبان:
أحدهما: ألّا يُبَاشر بيده التغيير، ما لم يعجز عن تكلفِ المُحتسب عليه ذلك؛ فإذا أمكنه أن يُكلفه المشي في الخروج عن الأرض المغصوبة والمسجد؛ فلا ينبغي أن يدفعه أو يجره، وإذا قدر على أن يكلفه إراقة الخمر وكسر الملاهي، وحَلّ دُروس