تعريفه باللطف من غير عنف، وذلك لأنّ ضمن التعريف نسبة إلى الجهل والحُمق، والتجهيل إيذاء، وقَلّما يرضى الإنسان بأن ينسب إلى الجهل بالأمور لا سيما بالشرع.
ولذلك ترى الذي يغلب عليه الغضب، كيف يغضب إذا نبه على الخطأ والجهل؟ وكيفَ يجتهد في مجاحدة الحق بعد معرفته؛ خيفة من أن تنكشف عورة جهله؟!.
والطباع أحرص على ستر العورة الجهل منها على ستر العورة الحقيقية، لأنّ الجَهْلَ قُبح في صورة النفس، وسواد في وجهه، وصاحبه ملومٌ عليه، وقبحٌ السوءتين يرجعُ إلى صورة البدن، والنفس أشرف من البدن، وقُبْحُها أشَدُّ من قبح البدن، ثُمّ هو غَيرُ مَلومٍ عليه؛ لأنه خِلقة لم يدخل تحت اختياره حصونه، ولا في اختياره إزالته، وتَحسينه، والجهل قبح يمكن إزالته وتبديله بحسن العلم؛ فلذلك يَعْظُم تألم الإنسان بأمور جهله، ويعظم ابتهاجه في نفسه بعلمه، ثُمّ لذته عند ظهور جمال علمه لغيره.
وإذا كانَ التَّعْرِيفُ كشفًا للعورة؛ مؤذيًا للقلب، فلا بد أن يعالج دفع آذاه بلطف الرِّفق؛ فنقول له: إنّ الإنسانَ لا يُولد عالمًا، ولقد كُنّا أيضًا جاهلين بأمور الصلاة، فعلمنا العُلماء، ولعل قريتك خالية عن أهل العلم أو عالمها مُقَصِّرٌ في شرح الصلاة وإيضاحِها؛ إنّما شرط الصلاة الطمأنينة في الركوع والسجود، وهكذا يتلطف به ليحصل التعريف من غير إيذاء؛ فإن إيذاء المسلم حرام محظور، كما أنّ تقريره على المُنكر محظور.
وليس من العُقلاء من يغسل الدم بالدم أو بالبول، ومن اجْتَنَب محظور السكوت عن المنكر، واستبدل عنه محظور الإيذاء للمسلم مع الاستغناء عنه؛ فقد غسل الدّم بالبول، وأما إذا وقفت على خطأ في غير أمن الدين؛ فلا يَنْبَغي أن تَرُدّه