أما المرتبة الثانية؛ فهي: الاحتساب بالقول؛ والاحتسابُ بالقول على درجات: أولها التعرف، ثم التعريف، ثم النهي، ثم الوعظ والنصح، ثم السب والتعنيف، ثم التغيير باليد، ثم التهديد بالضرب، ثم إيقاع الضرب وتحقيقه، ثم شهر السلاح، ثم الاستظهار فيه بالأعوان وجمع الجنود.

أما الدَّرَجَةُ الأولى؛ وهي: التَّعَرُّف: ونَعني طلبَ المَعْرِفَة بجريان المنكر، وذلك منهي عنه، وهو التجسس الذي ذكرناه سابقًا؛ فلا ينبغي أن يسترق السمع على دار غيره ليسمع صوت الأوتار، ولا أن يستنشق ليدرك رائحة الخمر، ولا أن يمس ما في ثوبه ليعرف شكل المزمار، ولا أن يستخبر من جيرانه ليخبروه بما يجري في داره.

نعم لو أخبره عدلان ابتداءً من غير استخبار، بأنّ فلانًا يَشْرَبُ الخَمْرَ في داره، أو بأنّ في داره خمرًا أعده للشرب، فله إذ ذاك أن يدخل داره، ولا يلزم الاستئذان، ويكون تخطي ملكه بالدخول للتوصل إلى دفع المنكر، ككسر رأسه بالضرب للمنع مهما احتاج إليه، وإن أخبرَه عدلان أو عدل واحد.

وبالجملة كل من تُقبل روايته لا شهادته ففي جواز الهجوم على داره بقولهم فيه نظر واحتمال، والأولى أن يمتنع لأنّ له حقًّا في ألا يتخطى داره بغير إذنه، ولا يسقط حق المسلم عما ثبت عليه حقه إلا بشاهدين. فهذا أولى مما يجعل مردًا فيه.

وقد قيل: أنه كان نقش خاتم لقمان: "الستر لما عاينت أحسن من إذاعة ما ظننت".

الدرجة الثانية: التعريف: فإنّ المُنكر قد يقدم عليه المقدم بجهله، وإذا عرف أنه مُنكر تركه؛ كالذي يُصَلِّي ولا يُحسنُ الركوع والسجود؛ فيُعَلّم أنّ ذلكَ لجَهْلِه بأنّ هذه ليستْ بصَلاة، ولو رَضِي بألّا يَكونَ مُصليًّا لترك أصل الصلاة؛ فيجبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015