كما روي من احتساب الفقيه أبي عبد الله الخوارزمي حين رأى رجلًا في المسجد يخفف الصلاة، فلما فرغ الرجل من صلاته، ذهب به إلى البيت، وطبخ له شيئا من الحلوى، وقدمها إليه، وقال له: أكنت مريضا؟ فقال الرجل: لا، س فقال: إني ظننت أنك كنت مريضًا حيث خففت الصلاة. فقام الرجل، وتاب ورجع عما كان يصنع.
وعلى المحتسب وهو يحتسب فيما يتعلق بأحكام الصلاة أن يلاحظ أن الأمور الفرعية المختلف فيها بين الفقهاء، ولا سيما في مندوبات الصلاة، وسننها بأن ذلك لا يلزمه في أن يأمر بها على سبيل الإلزام، وإن كان عليه أن يبين الرأي الصحيح فيها، ومثال ذلك: كما أورده الماوردي القنوت، إذا خالف فيه رأي المحتسب، فلا اعتراض في مثل ذلك بأمر ولا نهي ملزم، وكذلك الطهارة مثلًا إذا فعلها المحتسب عليه على وجه سائغ يخالف فيه رأي المحتسب، كاقتصاره على مسح أقل الرأس.
ويتقدم المحتسب إلى جيران كل مسجد يحثهم، ويأمرهم بالمواظبة على صلاة الجماعة عند الأذان؛ لإظهار معالم الدين، وإشهار شعائر الإسلام، فإن على كل مسلم إظهار أركان الإسلام؛ لأن صلاة الجماعة في المساجد، وإقامة الأذان فيها للصلوات، يعتبر من شعائر الإسلام الظاهرة التي فرق بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين دار الإسلام، ودار الشرك.
فإذا اجتمع أهل محلة على تعطيل الجماعة في مساجدهم، وترك الأذان في أوقات صلواتهم، كان المحتسب مندوبًا إلى أمرهم بالأذان والجماعة في الصلوات. وصلاة الجماعة واجبة على المسلم الذكر، العاقل، البالغ، القادر؛ لأن النصوص جاءت توضح ذلك الوجوب، ومنها: قول الله -تبارك وتعالى-: