{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} وهذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها -سبحانه وتعالى- عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، وهذا في حالة الحرب والخوف، فكيف بحال السلم والأمن؟!.
ومن الأدلة في السنة: ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم)). وهذا كما يقول أهل العلم من أشد ما ورد في بيان الجرم، وكبيرة من تخلف عن الجماعة، والأدلة في وجوب الجماعة كثيرة نكتفي بالدليلين السابقين.
ومن مهمات الصلاة: الصلاة يوم الجمعة، الذي هو في الأيام بمنزلة الأعياد من الأعوام، وفيه الساعة المخصوصة بالدعاء المجاب التي ما صادفها عبد إلا ظفر بالطلب، فعلى المحتسب أن يأمر بابتداره في البواكر للفوز فيه بقربات البدايات الأخاير، فإنه اليوم الذي لم تطلع الشمس على مثله، وفيه فضل هذا الدين على أهل الكتاب من قبلنا، فهو واسطة عقد الأيام السبعة، ولاشتماله على مجموع فضلها سمي: يوم الجمعة، فلينادهم بالاجتماع إليها.
وليراقبهم عند أوقات الأذان في الأسواق التي هي معركة الشيطان، فمن شغل عنها بتثمير مكسبه، أو لهى عنها بالإقبال على اللهو ولعبه. فإن على المحتسب أن يؤدبه بالعصا التي تضع من قدره، وتذيقه وبال أمره، ولا يمنعه من ذلك شيبة الشيبة، ولا هيئة ذي هيئة، فإنما هلك الذين قبلنا أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.