يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وأمرها أعظم من أن يحاط به، فاعتناء ولاة الأمر بها يجب أن يكون فوق اعتنائهم بجميع الأعمال، ولا شك أن من أولويات ما يجب الاحتساب فيه في شأن الصلاة أن يبين المحتسب للناس أحكام الصلاة، ويسعى إلى تعليمهم؛ ذلك لأن الكثير من الناس يجهل أمورًا من أحكام الصلاة ليست قليلة، وليكن أول ما يعلم الناس كيفية التطهر، وما يتعلق به من أحكام.
وليكن هذا التعليم عمليًّا ما أمكن حتى يفهم الناس، ويرسخ ذلك في أذهانهم، ويلحق بذلك أن يعلم الناس أحكام التيمم، والمسح على الخفين، ثم يقوم المحتسب بتعليم الناس بقية أحكام الصلاة بنفسه، أو بحذف الجهات التعليمية؛ لتقوم هي بذلك وتطبق كيفية أدائها؛ حتى يؤديها المسلم كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، فإن قيامه بكل ذلك يعتبر مقدما على أمرهم بإقامة الصلاة، إذ كيف تأمر جاهلًا بالقيام بعمل لا يحسن أداءه.
فإذا رأى المحتسب مصليًا يخالف هيئة الصلاة الشرعية بزيادة، أو نقص، أو تحريف، أو عدم إتمام ركوعها وسجودها، وكل أحكامها أرشده إلى الصواب، ويحتسب على من يصلي بغير اعتدال، ولا خشوع، ولا طمأنينة، ويقول له: ((صلِّ، فإنك لم تصلِّ))؛ لما ثبت من احتسابه وتعليمه -صلى الله عليه وسلم- لأعرابي صلى فخفف الصلاة، ولم يستكمل ركوعها وسجودها؛ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((صلِّ، فإنك لم تصلِّ))، وعليه أن يأخذ بالحكمة واللين أثناء تعليمه وأمره ونهيه، ولا سيما إذا خاف أن يغضب عليه المصلي المنصوح، فإن عليه أن يلين كلامه، أو يحتال بحيلة تصلح الأمر.