والثالث: أنه لا يتقدر بذلك، وهو قول أصحاب مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد، هو إحدى الروايتين عنه.

لكن إن كان التعزير فيما فيه مقدر لا يبلغ به ذلك المقدر، مثل: التعزير على سرقة دون النصاب لا يبلغ به القدح، والتعزير على المضمضة بالخمر لا يبلغ به حد الشرب، والتعزير على القذف بغير زنا لا يبلغ به الحد".

ثم رجح -رحمه الله- هذا القول الثالث بقوله: "وهذا القول أعدل الأقوال، وعليه دلت سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسنة خلفائه الراشدين، فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بضرب الذي أحلت له امرأته جاريتها مائة جلدة، ودرأ عنه الحد بالشبهة، وأمر أبو بكر، وعمر بضرب رجل وامرأة وجدًّا في لحاف واحد مائة مائة، وضرب عمر الذي نقش على خاتمه، وأخذ من باب المال مائة، ثم ضربه في اليوم الثاني مائة، ثم ضربه في اليوم الثالث مائة".

فهذه هي التعزيرات التي هي من صلاحيات المحتسب في الماضي.

أما الصلاحيات التعزيرية التي يمارسها المحتسب في الحاضر: فإن ما يمارسه المحتسب اليوم من الصلاحيات التعزيرية لا يخرج في مجمله عما كان يمارسه المحتسب في الماضي مع بعض التحديد والتنظيم، فقد صدرت أنظمة تحدد الأطر العامة لعمل المحتسب، ومن ذلك صلاحيات ممنوحة له فيما يتعلق بالتعزير، وعلى اعتبار أننا سنأخذ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة العربية السعودية كنموذج فيما يتعلق بواقع الحسبة المعاصر، فإن من قانون هذه المادة، المادة الرابعة: العقوبات التأديبية التي لوالي الحسبة أن يمارسها، وتتلخص في أخذ التعهد، التوبيخ، التأديب بالجلد، وبحد أعلى خمسة عشر سوطًا، أو عقوبة الحبس لمدة أقصاها ثلاثة أيام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015