ومن وسائل التعزير: الضرب: وهو من أنجح وسائل التعزير التي يستخدمها المحتسب وغيره من السلطات القضائية، ويضرب المذنب لحق الله، أو لحق الآدميين بما يراه المحتسب رادعًا له. وكان يقوم به الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من حكام المسلمين؛ على اعتبار أن الضرب عقوبة في التعزير، وعلى ذلك انعقد الإجماع.

وقد فعله مشاهير المحتسبين من السلف، وأظهرهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث كان شديدًا في الحق، فعن عبد الله بن ساعدة الهذلي قال: "رأيت عمر بن الخطاب يضرب التجار بالدرة إذا اجتمعوا على الطعام بالسوق حتى يخلوا السكك، ويقول: لا تقطعوا علينا سابلتنا".

وروى المسيب بن دارم قال: "رأيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يضرب جمالًا ويقول: حملت جملك ما لا يطيق. ومر على رجل أضجع شاة ليذبحها، وجعل يحد الشفرة فعلاه بالدرة، وقال له: هلا حددتها أولًا؟ ".

واختلف في مقدار الضرب في التعزير على أقوال كثيرة، وهنا نذكر قاعدة قعدها شيخ الإسلام في هذه المسألة حيث يقول -رحمه الله- في شأن التعزير بالضرب: "وليس لأقله حد، وأما أكثر التعزير بالضرب ففيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره:

أحدها: عشر جلدات.

والثاني: دون الحد، إما تسعة وثلاثين سوطًا، وإما تسعة وسبعين سوطًا، وهذا قول كثير من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015