حديث آخر ((إن الله يستره في الدنيا والآخرة)) وستر المسلم لأخيه المسلم يعتبر من مكارم الأخلاق، فإذا اطلع المسلم على خطيئة أو معصية أو نقيصة وقع بها أخوه المسلم بينه وبين ربه ولم يجاهر بها أمام الناس، بل تستر بها وتوارى واستحي افيها فما هو الغرض من فضيحته ونشر خطيئته بين الناس؛ إذا كانت من الأمور التي لا تتعلق بها حقوق شخصية للآخرين، أو حقوق عامة ترتبط بها مصالح المسلمين الكبرى أنه لا مصلحة في ذلك، بل الغرض تعييره وتنقيصه وإنزال مكانته بين الناس.
أما النصيحة فإنها تتحقق بتوجيهها له في السر لا في العلن، أو بالموعظة العامة التي لا توجه لأشخاص بأعيانهم كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذ كان يقول حينما يخبر بأن بعض الناس قد فعل منكرًا من المنكرات يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((ما بال أقوام فعلوا كذا وكذا)) أو ((يفعلون كذا وكذا)) ويوجه موعظته لهم بصفة عامة دون تحديد لأشخاص.
وإرادة الفضيحة هي من قبيل إشاعة الفاحشة وفعل السوء في المسلمين، وهي تعبر عن رذيلة خلقية في الإنسان؛ من ذا الذي يريد لأخيه المسلم الإهانة ونزول المكانة إلا من كان في نفسه عقدة من رذائل الأخلاق، وقد يريد أن يحط من مكانة أخيه بين الناس؛ ليرتفع هو على أنقاضها، وقد يكون غرضه أن يجد لنفسه مبررًا في قبائح هو يرتكبها وهو مشهور بها عند الناس فيكشف عورات إخوانه؛ ليخفف من نقد الناس له؛ إذ يعلمون أن ذوي المكانة المستورين هم مثله في ارتكاب القبائح والسيئات، وهم شركاؤه في الإثم، وكل ذلك من فساد خلقه وسوء سريرته، وهو بعمله هذا يساعد على تهوين ارتكاب الآثام والقبائح ويشجع عليها شعر بذلك أم لم يشعر، مع أن المفروض بصاحب الأخلاق