وأما إبرار المقسم؛ فقد جرى من عادة الناس أن يحلف الأخ قسمًا على أخيه أن يفعل أمرًا أو يترك أمرًا اعتمادًا على أواصر الأخوة بينهما، وعلى تبادل المودة فيقول له: والله لتفعلن الأمر الفلاني أو لتتركن الأمر الفلاني، وهنا يعلمنا الإسلام أن من حق الأخ على أخيه أن يبر له قسمه؛ فيفعل ما أقسم عليه أن يفعله، ويترك ما أقسم عليه أن يتركه بشرط ألا يكون في الأمر معصية أو مخالفة لله تعالى أو مضرة أو منقصة؛ فإن كان فيه شيء من ذلك فلا إبرار؛ لأن الإنسان لو أقسم على نفسه أن يفعل شيئًا ثم رأى غير ما حلف عليه خيرًا منه فهو مأمور شرعًا بأن يكفر عن يمينه، ويأتي الذي هو خير، ومن شأن إبرار المقسم أن يوثق الصلات، وأن يعقد المودات، وهذا الأدب يرجع عند التحليل إلى مظهر من مظاهر خلق العطاء من النفس، كما يرجع إلى خلق الحياء وتلبية ما يقتضيه الدافع الجماعي والأخوة الإيمانية.
وأما نصرة المظلوم؛ فهي ظاهرة خلقية ترجع إلى خلق حب العطاء من النفس، وإلى ما يقتضيه الدافع الاجتماعي والأخوة الإيمانية، وشرح هذه الظاهرة يكفيه قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: ((انصر أخاك ظالمًا أومظلومًا)) ومعنى نصره ظالمًا أن نمنعه عن الظلم، ومن شأن نصرة المظلوم أن تعقد المودات وتوثق الصلات بين المسلمين، وأن تخدم قضية العدل بين الناس، وتصرف عنهم عوامل التفرقة والخلاف والعداوة والبغضاء ولو أغضبت الظالمين.
ب- في ستر المسلم لأخيه:
المسلم روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يستر عبد عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة))، من حق المسلم على أخيه المسلم أن يستره ولا يفضحه، والله تعالى يكافئه من جنس عمله فيستره يوم القيامة، وجاء في