حمد الله أن سلمه أن تكون مكاف أته على حمده لربه توجيه من سمعه أن يدعو الله له، وأعظم دعوة شاملة لجوانب الخير كلها الدعوة له بأن يرحمه الله تعالى، وحين يتلقى العاطس الدعاء له من إخوانه يشعر في ذات نفسه بأن شركاءه في المجلس قد اهتموا بشأنه عند هذه العارضة اليسيرة التي عرضت له فدعو اله بالرحمة، فكيف يكون اهتمامهم به إذا هو نابه شيء كبير وأمر غير يسير، وعندئذ يرد لمن دعا له جميل ً ابجميل فيدعو له بأن يهديه الله ويصلح باله، أما الدعوة بالهدية فهي مكافئة كريمة للدعوة بالرحمة؛ لأن من هداه الله فقد هيأ له أعظم أسباب الرحمة، وأما الدعوة بإصلاح البال فهي زيادة بارعة تشير إلى أن سبب البدء بالدعوة ب الرحمة انشغال بال الأخ على أخيه؛ إذ سمعه عطس وحمد الله تعالى؛ فكأنه يقول له: ولا أقلق الله بالك على نفسك أو أخ أو قريب أو حبيب، أفتجد أرق تهذيبًا من مجتمع فيه هذه العواطف الكريمة المتبادلة التي تنتهز لها أدنى المناسبات.
لكن العاطس إذا لم يحمد الله تعالى لم يكن من حقه على جلسائه أن يشمتوه؛ لأنه لم يراع ما ينبغي له من أدب مع الله في حالته هذه فسقط حقه بأن يدعو له جلسا ؤ هـ بالرحمة.
وأما نصيحة المسلم لأخيه المسلم؛ فهي ظاهرة خلقية كريمة تعبر عن صدق الأخوة بين المسلمين، وتعبر عن أمانة الرجل وصدقه فيما يخبر به أخاه مما يعلم من وجوه الخير والبر؛ لا سيما إذا استشاره واستنصحه، ومن شأن هذا الخلق الكريم أن يعقد المودات بين الناس، أو يزيد في توثيقها بشرط أن تكون نصيحة صادقة ليس الغرض منها الفضيحة أو الشتيمة أو التعيير والتنقيص إلا عند بعض النفوس المستكبرة العاتية على أنها سترضى بعد حين متى شعرت بصدق الناصح وإخلاصه في النصيحة، والذي يداهن وينافق ويكتم النصيحة قد يظفر بصداقة مؤقتة إلا أنه ينكشف بعد حين، وتعرف مداهنته، ويظهر أنه لم يكن أخًا وفي ًّ اولا صديقًا صادق ًا، وإنما كان مداهنًا منافقًا فيخسر حينئذ ما كان من قبل حريصًا عليه.