أخوه وقدم من قبله دليل ً امادي ًّ اعلى أخوته ومودته، كما قدم إليه أخوه من قبل الدليل على ذلك بدعوته له، وحينما يكون المدعو معذورًا ويصعب عليه تلبية الدعوة فعليه أن يقدم لأخيه عذره، وأن يستسمحه، ولا يجوز له أن يجفو أخاه، وأن يستهين به، فرب جفوة بغير عذر كسرت قلبًا وأحزنت نفسًا، وربما أفسدت ما بين القلوب فحل التنافر محل التآلف وحل الخصام محل الوئام؛ لا سيما إذا كان الجفاء ناشئًا عن استهانة أو كبر أو استعلاء شخصي أو طبقي وعندئذ يكون أشد قبحًا وذم ًّ ا، وأكثر إفسادًا للمودات، وتقطيعًا لأواصر الأخوة الإيمانية الإسلامية.
وأما تشميت العاطس؛ فهو أدب من الآداب الإسلامية، وسبق أن قلت إن تشميت العاطس هو الدعاء له بخير، قال ابن سيده: شمت العاطس وسمت عليه؛ دعا له ألا يكون في حال يشمت به فيها، وتابع ابن منظور في (اللسان) فقال: والسين لغة عن يعقوب، وكل داع لأحد بخير فهو مشمت له ومسمت بالشين والسين، والشين أعلى وأفشى في كلامهم، ونقل عن (التهذيب): كل دعاء بخير فهو تشميت، وحكى عن ثعلب أنه قال: الأصل فيها السين من السمت وهو القصد والهدي، يقول الشيخ الميداني: وأما تشميت العاطس فهو أدب من الآداب الإسلامية الاجتماعية، وهو ينم عن ذوق رفيع في مجالس المسلمين؛ إذ يتصيد المسلم أدنى مناسبة ليدعو لأخيه المسلم بدعوة كريمة، وليوجه له كلمة حلوة يجذب بها من قلبه خيطًا من خيوط العواطف الإنسانية التي تنسج بها وشائج المودة والمحبة وتوثق بها روابط الإخاء.
والعطاس ظاهرة طبيعية تتكرر من الإنسان دون أن يملك دفعها، وقد يكون عنوان نشاط قادم بانتفاضة عصبية، قد يكون ظاهرة لحالة زكام وبرد مرضي أتى على الإنسان، وعلى أية حال فمن الخير إذا هو حمد الله على ما جرى له أو