وهذا الأدب يرتبط بخلق العطاء عند المسلم، وهو يعبر تعبيرًا صادقًا عن مبلغ التآخي بين المسلمين، ويوثق روابط الصلة بينهم، ويزيد من وشائج المحبة وأواصر المودات؛ لا سيما إذا لاحظنا أن حالة المريض فيها من الانكسار النفسي ما يجعله رقيق الحاشية فياض العواطف مهيأ نفسي ًّ اللتأثير عليه وامتلاك مشاعر المحبة في قلبه، والمحبة متى وجدت في طرف سرت غالبًا إلى الطرف الآخر بقوة نفاذها وقوة عدواها.

وأما اتباع الجنائز؛ فهو صلة من المسلم لأخيه المسلم موصولة من حياته إلى ما بعد مماته، واتباع الجنائز يلحقها الصلاة على الميت والشفاعة له عند الله تعالى، وهذا أيضًا صلة عظيمة له بخير ما ينفعه بعد موته؛ وهي الدعوة الصالحة، وتعبير صادق مخلص لا رياء فيه ولا سمعة عن الأخوة الإيمانية التي عقدها الله بين المؤمنين تضاف إلى ذلك ما في اتباع الجنائز من مواساة لأهل الميت وذويه المصابين بفقده، وهم بحاجة ماسة إلى من يواسيهم ويعزيهم ويصبرهم على مصابهم ويشاركهم مشاركة وجدانية كريمة، وقد كان الأصل في اتباع الجنائز أن يساهم الم شيعون في حملها إلى مثواها من الأرض، وفي حفر قبرها، وفي مواراتها ودفنها؛ وكل هذه أعمال تشارك فيها الجماعة وتساهم بها خدمة إنسانية وتواصل ً ابين المسلمين.

ومن شأن هذه الأمور التي يشتمل عليها هذا الأدب من آداب الإسلام الموصول بالأسس الأخلاقية التي دعا إليها أن تمكن صلات الأخوة والمودة والتعاطف والتراحم بين المسلمين، وتبرز معاني وحدتهم الإسلامية الكبرى.

وأما إجابة الدعوة؛ فهي حق للمسلم على أخيه المسلم أيضًا، إن دعوة المسلم لأخيه المسلم صلة اجتماعية تعبر عن مودة وأخوة وهذه الصلة تستدعي أن تقابل بالاستجابة لا بالرفض، والمستجيب يعقد من طرفه حبل الصلة الذي مده إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015