فربط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحاديث الأمانة وكون الإنسان مأمون الجانب بالإيمان، وجعل عدم الأمانة مؤثرة في صحة الإيمان، وجعل الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، الخيانة من علامات النفاق؛ فمن ذلك ما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((آية المنافق ثلاث؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان؛ وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)).
وما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها؛ إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)).
فالأمانة من صفات المؤمنين، وهي من صفات محبي الحق، الأمانة من أبرز أخلاق الرسل؛ من الملاحظ في أسس العقيدة أن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل - عليهم الصلاة والسلام - لأنها شرط أساسي لاصطفائهم بالرسالة؛ فلولا أن يكونوا أمناء لما استأمنهم الله تعالى على رسالاته لخلقه؛ ففي شأن هود - عليه السلام - يقول الله تعالى في سورة " الأعراف ": {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (الأعراف: 65 - 68).
فعرض هود لقومه من صفاته أنه أمين، وهذه الصفة من صفاته لا بد أن تكون معروفة لديهم قبل أن يبعثه الله رسول ً ا، ومن شأن الأمين أن يكون موثوقًا به في نقل الأخبار وتبليغ الرسالات.