عاشرًا: ولما كان حسن الخلق يحتل هذه القيمة العظيمة في الإسلام كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقًا، روى البخاري ومسلم عن أنس قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خُلُقًا)) واختار الله للثناء على رسوله -صلى الله عليه وسلم- من دون سائر صفاته العظيمة ما يتحلى به من خلق حسن عظيم؛ إذ خاطبه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4).
وصح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((بعثت لأتمم حسن الخلق)) رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة، ورواه الإمام مالك في (الموطأ) وعن جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق، وكمال محاسن الأفعال)) رواه في (شرح السنة).
وجميع الأخلاق الكريمة الفاضلة واحدة في كل الشرائع السماوية تنزلت بها كل الكتب، ودعت إليها كل الرسالات، وجاء الإسلام فأكد على هذه الأخلاق الفاضلة في القرآن الكريم، ونادى بها سيد الخلق أجمعين نبينا وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الأخلاق الفاضلة النبيلة: الوفاء بالعهد، وعدم خيانة من يُعَاهِد، أو من يُعَاهَدُ، والبعد كل البعد عن الغدر بالعهود؛ ففي القرآن الكريم أخذ الحق -سبحانه وتعالى- العهد على آدم وذريته أن يعبدوه وحده وألا يشركوا به شيئًا، وطالبهم وسيطالبهم بهذا العهد فمن وفى بهذا العهد فله الفوز والفلاح ومن لم يوف به فله الويل والثبور، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الأعراف: 172: 174).