يفرض على الإنسان طاعة من خلقه فسواه فعدله فأنعم عليه بالنعم التي لا يستطيع إحصاءها، ويفرض عليه أيضًا حمده وشكره، وعبادته؛ فكل هذه الواجبات يجمعها تقوى الله في السر والعلن وهذا ما دلت عليه القاعدة الأولى: ((اتق الله حيثما كنت)) وحينما يتق الإنسان ربه في كل أحواله الظاهرة والباطنة؛ فلا بد أن يكون مخلصًا لله في تقواه، وفي هذا تكمن الروح الأخلاقية السامية البعيدة عن النفاق والرياء والسمعة، وطلب الثناء من الناس، أو اجتلاب المصالح النفسية، أو المادية منهم هذه هي القاعدة الأولى.
وأما القاعدة الثانية: وهي قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) ففيها إرشاد إلى منهج الإصلاح والتقويم، وتدارك النهوض بالنفس بعد سقوطها بارتكاب السيئة، وهذا المنهج ترسمه هذه القاعدة أضبط رسم، فمن سقط بارتكابه السيئة في حالةٍ من حالاتِ الضعفِ الإنساني؛ فعليه أن يتبع هذه السيئة حسنةً مستمدة من منابع الضمير الأخلاقي؛ فإن للحسنات قوةَ سبقٍ عجيبة بفضل الله تعالى، إذ تمر على السيئات التي قد انطلقت قبلها فتردها، وتمحو أثرها عند الله تعالى، وتعود نفس المؤمن بالله إلى براءتها، ونقائها الخلقي بعد أن أصابها ما أصابها من أدناس السيئات. وهذه القاعدة مستمدة من قول الله تعالى: {وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود: 114).
وأما القاعدة الثالثة: وهي القول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((وخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَن)) فهي تحدد المنهج العام الذي يجب على الإنسان أن يسلكه في علاقاته بالناس، وعنوان هذا المنهج أن يخالق الناس بخلق حسن، أي: يعاملهم في كل علاقاته معهم بالخلق الحسن.