الصيام المفروض، وأداءُ الصلاة والصيام المفروضين لا يغنيَانِ عن أداء الزكاة، ولا عن أداءِ فريضةِ الحج، وكل هذه الفروض لا تغني عن فريضة الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
الحديث السادس، وروى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة، لمن ترك المِرَاءَ، وإن كان محقًّا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمن حَسُنَ خُلُقُهُ))، زعيم، أي: كفيل ربض الجنة. ربض المكانة نواحيه، وما حوله من خارجه، كحريم المسجد وكالأبنية التي تكون حول المدن، وهي الأمكنة التي تربض فيها الأنعام فمن ترك المراء، أي: الجدال في أمور الدنيا ولِحَظِّ النفس؛ بنى الله له بيتًا في ربض الجنة، أي: استحق دخول الجنة بهذا العمل الذي يخالف فيه هوى نفسه.
ومن ترك الكذب في كل الأحوال، ومنها حالات المزاح؛ بنى الله له بيتًا في وسط الجنة؛ لأن من يحفظ لسانه من كل الكذب ابتغاء مرضاة الله، وذو مرتبة عالية في الأخلاق الحميدة، وفي تقوى الله، وأعمال البر؛ إذ ترك الكذب، والتزام الصدق مجمع لجملة كبيرة من الفضائل الخلقية، والمصالح الاجتماعية العلمية والعملية، أما جماع الفضائل كلها فهو حسن الخلق بوجهٍ عامٍّ.
الحديث السابع: وروى مسلم بسنده عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: ((سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال: البرُّ حُسْنُ الخُلُق، والإثم ما حَاكَ في نفسك، وكرهت أن يطَّلِعَ عليه الناس)) البر: هو جماع أفعال الخير. وقد عرفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه حسن الخلق؛ فهذا يدلُّ على أن حسن الخلق يشتمل على جماع أفعال الخير، والاتساع فيما يقرب إلى الله تعالى ويرضيه سبحانه.