لِوَقْتِ مَلَلِهِ. وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ إِذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ سَمِعْتُ لَهُ هَمْهَمَةً مِنَ الدَّرْسِ وَالْقِرَاءَةِ، وَيَقُولُ: كَانَ يُقَالُ الْعِلْمُ مَا دَخَلَ مَعَكَ الْحَمَّامَ. يَحُثُّ عَلَى الْحِفْظِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْفَلاسِفَةِ: الْعِلْمُ مَا إِذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُكَ يَسْبَحُ مَعَك. يَقُول الْعلم هُوَ مَحْفُوظ.
قُلْنَا:
وَالْحِفْظُ لَا يَكُونُ إِلا مَعَ شِدَّةِ الْعِنَايَةِ وَكَثْرَةِ الدَّرْسِ وَطُولِ الْمُذَاكَرَةِ، وَالْمُذَاكَرَةُ حَيَاةُ الْعِلْمِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَرْسٌ لَمْ يَكُنْ حفظ، وَإِذا لم يكن مُذَاكَرَةٌ قَلَّتْ مَنْفَعَةُ الدَّرْسِ، وَمَنْ عَوَّلَ عَلَى الْكِتَابِ وَأَخَلَّ بِالدَّرْسِ وَالْمُذَاكَرَةِ ضَاعَتْ ثَمَرَةُ سَعْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ.
وَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ: // من الطَّوِيل //
(زوامل للأشعار لَا علم عِنْدهم ... بجيدها إِلَّا كعلم الأباعر)
(لعمرك مَا يدْرِي الْبَعِير إِذا غَدا ... بأجماله أَو رَاح مَا فِي الغرائر)
(وَلَيْسَ عِلْمًا مَا وَعَى الْقِمَطْرُ ... مَا الْعِلْمُ إِلا مَا وَعَاهُ الصَّدْرُ)