والغاية من التلطيف والفنجكشت والشهذانج فَإِنَّهُمَا قد جادا فِي حِدة الأغذية إِلَى الخفاء بالأدوية الملطفة وَلذَلِك يصدعان إِن أَكثر مِنْهُمَا.)
قَالَ: وَهَذِه البزور العطرية لتنقية الدَّم بالبول. قَالَ: وَالْحِنْطَة تولد دَمًا غليظاً فِي الْغَايَة لَا تصلح لمن يتدبر تدبيراً لطيفاً إِلَّا أَن يكثر الخمير وَالْملح فِي عجينه ويخبز فِي التَّنور ويأكله مَعَ سكنجبين وشراب لطيف فَحِينَئِذٍ يُؤمن تغليظه وَلُحُوم الطير الجبلية والفراريج والسمك الصغار كلهَا تولد دَمًا لطيفاً والفلفل إِذا خلط بالأطعمة الغليظة أعَان على دفع تغليظها مَعُونَة عَظِيمَة وَالْعَسَل من جَمِيع الْأَشْيَاء الحلوة يُولد خلطاً لطفاً ويلطف. قَالَ: وَالشعِير غنى بِنَفسِهِ أَن يخلط بِهِ مَا يلطفه فَإِن خلط بِاللَّبنِ أَو بِغَيْرِهِ من الْأَشْيَاء الْمُغَلَّظَة أفخ وعسر هضمه. قَالَ: وشيرج التِّين يلطف أَيْضا إِلَّا أَن الْعَسَل أبلغ مِنْهُ والتين الْيَابِس متوسط وَهُوَ إِلَى التلطيف أقرب والتين الرطب إِذا كَانَ نضجاً فَلَيْسَ مِمَّا يغلظ فَإِن أكل غير نضج فَإِنَّهُ ينْفخ ويغلظ يعر تزوله والأشربة الْبيض تولد خلطا رَقِيقا وينقي الدَّم بالبول وتقطع الأخلاط الغليظة وَأما الَّتِي لَهَا مَعَ رفقتها حمرَة وحراقة فَإِنَّهُ أَشد تلطيفاً وَلَكِن لَا تصلح لمن مزاجه حَار وَلمن رَأسه ضَعِيف أَو بِهِ عِلّة. وَأما الْخمر السَّوْدَاء والغليظة والحلوة والقابضة فليدعه من يُرِيد تدبيراً لطيفاً لِأَنَّهُ يمْلَأ الْعُرُوق من الدَّم الغليظ وخاصة الحلو الْأسود الغليظ مِنْهَا.
قَالَ: وَجمع الْأَشْيَاء الحلوة قد تهيج الأحشاء حَتَّى أَن الْعَسَل وَإِن كَانَ ملطفاً فير صَالح للأحشاء الوارمة ورما حارا وَالَّتِي فِيهَا سدد وَلَكِن إِذا خلط بالخل فَإِنَّهُ يصلح والسكنجبين أصلح الْأَشْيَاء الحلوة الَّتِي تسْتَعْمل فِي التَّدْبِير الملطف وَلَيْسَ هُوَ بَرِيء الْخَلْط وَلَا فِيهِ دوائية مثل مافي جَمِيع الْأَجْزَاء الملطفة وَلَا هُوَ ضار للمعدة وَمَتى كَانَ خله عنصليا كَانَ أبلغ تلطيفاً وشراب العنصل أَو خله يبلغ غَايَة التلطيف وَقد رَأَيْت خلقا كثيرا كَانُوا فِي سَائِر تدبيرهم على غير تحرز وَكَانَ استعمالهم بخل العنصل فحفظ عَلَيْهِم صحتهم.
وَقَالَ: يجب أَن تسْتَعْمل الرياضة أَيْضا بقصر وَيجب أَن تعلم قوى جَمِيع الْأَشْيَاء فَإِن مِنْهَا مَا يلطف وَمِنْهَا مَا يغلظ وَمِنْهَا بَين ذَلِك فَلْيَكُن استعمالك لَهَا وحرزك مِنْهَا على حسب ذَلِك.
قَالَ: وَاللَّبن كَأَنَّهُ مغلظ فَأَما مائية اللَّبن فملطفة مَعَ أَنَّهَا تطلق الْبَطن فَلذَلِك لَا يُمكن إدمانها لمن أَرَادَ التلطيف وَلَا يتَعَرَّض للألبان وخاصة للغليظة إِلَّا مَعَ الملطفة. قَالَ: والجبن اتركه أَكثر من جَمِيع الْأَشْيَاء لِأَنَّهُ يغلظ غَايَة التَّغْلِيظ مثل الحلزون والدماغ والكبد والكلى وَالْفطر وَالْبيض السليق المشتد فَإِن هَذِه يَنْبَغِي أَن يَدعهَا من يُرِيد أَن يدبر تَدْبِير لطيفاً فَإِن احْتِيجَ فِي وَقت مَا النبض: على مَا رَأَيْت فِي الْخَامِسَة عشر من النبض مِمَّا يجفف ألف ب الْبدن: الأغذية)
المجففة وَالشرَاب الصّرْف وَقلة الْغذَاء وَقلة شرب المَاء والتعب والشيخوخة والهم والسهر وَغَلَبَة الْحَرَارَة على الْقلب.
الثَّالِثَة من السَّادِسَة من أبيذيميا: عَلَيْك فِي إسمان الْجِسْم بالأغذية الْكَثِيرَة الْغذَاء أَو بالرياضة البطيئة قَالَ: وَاللَّحم الْكثير الْغذَاء إِذا أكل مشوياً أَكثر مِنْهُ مطبوخاً لِأَنَّهُ يكثر وتجتمع مائيته فَيكون فِي قَلِيله غذَاء كثير وَيكون اللَّحْم الْمُتَوَلد مِنْهُ غير رهل وَلَا رطب بل