الحاوي في الطب (صفحة 895)

إِلَى الذّكر قبل التجربة دَلَائِل كَافِيَة فِي تعرف الملطفات لِأَن مَا كَانَ يلذع ويهيج فَبين أَن فِيهِ حراقة وكل حربف فنافع فِي تقطيع الأخلاط الغليظة وَإِن تنوول مِنْهَا فضل قَلِيل أحدثت فِي الْمعدة لذعا وكربا وَخرجت بالقيء وَالْبرَاز وفاحت مِنْهَا رَائِحَة حريفة وَتجْعَل الْبَوْل والعرق حريفاً وتفجر الدَّم من أَسْفَل وتقرح الْجَسَد وَهَذِه كلهَا دَلَائِل على ألف ب تلطيفها الأخلاط الغليظة.

قَالَ: والتجربة تشهد لَهَا بذلك أَنَّهَا بعد عَظِيمَة النَّفْع للأبدان المملوءة من الأخلاط الغليظة الْبَارِدَة اللزجة.

قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل بِقدر كَمَا يجب وَإِلَّا جعلت الأخلاط رَدِيئَة.

قَالَ: وَلَيْسَ يذهب على أحد من الْعَوام أَن الثوم والبصل والحرف والكراث من الْأَشْيَاء الملطفة وَمن هَذِه المقدونس والرازيانج والحاشا إِذا كَانَت طرية لِأَنَّهَا إِذا جَفتْ صَارَت بلغَة فِي التلطيف)

وَخرجت عَن حد إِلَى الْأَدْوِيَة. قَالَ: وَيجب أَن تعلم أَن المَاء والدهن يكسران قُوَّة الملطفات قَالَ: وَكَذَلِكَ السذاب والكراث والكزبرة والشبث والفوذنج والأبحرة فَإِنَّهَا كلهَا مَا دَامَت رطبَة تلطف تلطيفاً متوسطاً وَإِذا جَفتْ كَانَت تلطيفها قَوِيا وأسخنت إسخاناً بليغاً.

قَالَ: وَهَاهُنَا أَشْيَاء متوسطة بَين هَذِه الْقُوَّة التلطيف وَبَين الْأَشْيَاء التفهة الْمُغَلَّظَة وَهِي الَّتِي فِيهَا حَظّ من الحرافة والمرارة والملوحة قوى آخر تلطفه إِلَّا أَنَّهَا قَليلَة فِي ذَلِك كالطرخشقون والهندباء والشاهترج والخس وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كلما بَان للحواس من رِيحه وطعمه أومنهما جَمِيعًا حرافة فَإِن فِيهِ قُوَّة ملطفة وَكَذَلِكَ فعل مَا كَانَ طيب الرَّائِحَة فَإِذا تطعمته خيل لَك أَن فِيهِ عطرية فَهُوَ لَا محَالة حَار ملطف فِي قوته إِلَّا أَن حرارته أقل من الْأَشْيَاء الحريفة فَلذَلِك تلطيفه أقل وكل مَا كَانَ فِي طعمه بورقية أَو ملوحة فَإِن مَعهَا تلطيفاً وتليينا للبطن والأشياء الْمرة أَيْضا فِيهَا قُوَّة ملطفة لَيست بِدُونِ مَا فِي الْأَشْيَاء البورقية والمالحة.

قَالَ: وَجَمِيع الأغذية الملطفة ينقص تلطيفها إِذا سلقت وَإِذا كَانَت بِالْمَاءِ والدهن وتزيد قوتها مَتى أكلت بالخل وَالْعَسَل أَو بهما. لي قد يُمكن أَن تنقص قُوَّة بعض هَذِه إِذا أكلت بالخل كالبصل فَإِن البصل يذهب أَكثر حِدته وحرافته بالخل لِأَنَّهُ يبرد وَيُمكن الْعَسَل أَن يكسر قُوَّة بعض هَذِه الْأَشْيَاء هَذِه الطعوم الحلوة مُغَلّظَة والمرة ملطفة وَإِذا كَانَ بعض الْأَشْيَاء الْمرة بِعَسَل كَانَ أقل تلطيفاً فَلذَلِك يَجْعَل لهَذَا قانون على مَا يجب وَمَا أَدْرِي كَيفَ أغفل جالينوس هَذَا.

قَالَ: والدهن يوهن قُوَّة جَمِيع الملطفات. قَالَ: والصناعات الخردلية المتخذة من الْخَرْدَل والكاشم والكرويا وَنَحْوهَا يجب لمن يعْنى بِالتَّدْبِيرِ الملطف أَن يديم اسْتِعْمَالهَا فَإِن اتّفق لَهُ أَن يَأْكُل طَعَاما مغلظاً أكله والهليون متوسط بَين الملطفة والمغلظة.

قَالَ: وَمَا كَانَ من الْأَطْعِمَة متوسطاً بَين الْقَبْض والمرارة فَإِن لَهُ تلطيفاً متوسطاً.

قَالَ: وبزر الشبث والكاشم والنانخة والزوفا وَجَمِيع بزر النَّبَات الَّذِي فِيهِ عطرية مَعَ حِدة وحراقة وحرارة مُوَافقَة للتدبير الملطف وَبَعض هَذِه البزور يبلغ من شدَّة قوته أَن يبلغ غَايَة التلطيف كبزر السذاب ألف ب فَإِنَّهُ مُوَافق قوى فِي الْقُوَّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015