الْعلَّة فأزمنت هَذِه الْمدَّة فِي أُذُنه بِسوء علاج الْأَطِبَّاء فَلَمَّا انْعَقَدت الْمدَّة بَعْضهَا على بعض فِي سماخه حدث لذَلِك خراج فِي أصل أُذُنه كَمَا نفعله نَحن بالفصد ليخرج الْخراج فِي أصل الْأذن إِذا أزمنت قرحَة الْأذن فَخرج الْخراج فِي أصل أُذُنه وقاح فصلحت أُذُنه بعلاج فِي آخر الْأَمر ثمَّ أَنه ترك فِيهِ بقايا من الْخَلْط الرَّدِيء الَّذِي لم ينق من مَرضه الأول باستفراغ قوي لكَي يمِيل الْمَادَّة إِلَى الْأذن فَقَط فَأكل رؤوساً فأفرط وأفرط فِي التَّعَب فهاجت بِهِ حمى لَازِمَة وغثى وكرب ويبس الطبيعة فسقى الْفَوَاكِه والأشياء اللينة فتقيأها وسرت إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فَإِذا قد هاج بِهِ صداع شَدِيد وانحراف عَن الضَّوْء ودموع كَثِيرَة وَحُمرَة فِي الْعين ففصدته وَلم أخرج كثيرا من الدَّم للتوقف وَسبب الْعَامَّة وعزمت على أَن أَلين الطبيعة من غَد فخف أَكثر مَا بِهِ يَوْمه ذَلِك ولاحت أَعْرَاض سرسام وَكنت أَخَاف أَن يسرسم ثمَّ إِنِّي سقيته دَوَاء قَوِيا يسهله ليوقف أَيْضا لَا لغيره وسبقته الخيارشنبر وَنَحْوه فَلم يغنه الْبَتَّةَ. وَأمرت أَن يحقن وَأخر ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام وَلم أره فِي هَذِه الْأَيَّام فَرَجَعت وَقد غلظت علته جدا وخلط وَكَانَ المَاء أشقر وَالْوَجْه منتفخاً فَأَرَدْت أَن أفجر دَمًا من أَنفه فتوقفت أَيْضا من أجل الْعَامَّة والرعاع لِأَنَّهُ لم يكن قبلي طَبِيب يرجع إِلَيْهِ الْبَتَّةَ فَلم يكن عِنْدِي فِيهِ إِلَّا مَاء الشّعير فسقيته ذَلِك طَمَعا فِي أَن تلين الطبيعة فَلم تلن وأمرته أَن يسقى مَاء القرع ولعاب بزر قطوناً فقصر فِي ذَلِك كُله فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع من هَذَا الْيَوْم غلظ أمره وَظَهَرت العلامات الرَّديئَة وصغرت إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَكَانَ لِسَانه شَدِيد السوَاد والخشونة وَمَات يَوْمه)
ذَلِك فِي الْوَقْت الَّذِي أنذرت بِمَوْتِهِ. وَكَانَ الْجُهَّال من الْأَطِبَّاء يتوهمون أَنه حدثت بِهِ لقُوَّة من رُطُوبَة لشدَّة صغر الْعين الْيُمْنَى وتشنج هَذِه النَّاحِيَة.
جَاءَنِي رجل يشكو إِلَى خفقان فُؤَاده فَوضع يَدي على يَده الْيُسْرَى فأحسست شريانه ألف هـ الْأَعْظَم ينبض نبضاً لم أر مثله قطّ عظما وَهولا ثمَّ مد يَده الْيُسْرَى ليريني باسليقه فَإِذا شريانه ينبض فِي مأبض الْعَضُد نبضاً أعظم مَا يكون ظَاهرا للحس جدا جدا يشيل اللَّحْم حَتَّى يَعْلُو وينخفض دَائِما شيلاً قَوِيا ظَاهرا وَزعم أَنه فصد الباسليق فَلم ينْتَفع وَأَنه إِذا أكل أَشْيَاء حارة نفعته فتحيرت فِي أمره مُدَّة ثمَّ أَشرت عَلَيْهِ بعد أَن بَان لي بدواء الْمسك وقدرت فِي هَذَا الرجل أَن حَاله فِي النبض حَال أَصْحَاب الربو فِي النَّفس فَإِن هَؤُلَاءِ على عظم انبساط صُدُورهمْ مَا يدخلهَا من الْهَوَاء إِلَّا قَلِيل.
حدث لمُحَمد بن الْحسن حكة وبثور ثمَّ خرجت بثور فِي أحليله خَارِجا عَن الكمرة فَخفت أَن يحدث ذَلِك بِهِ دَاخِلا فَكَانَ على مَا ظَنَنْت حدث بِهِ ذَلِك وَخرجت قبل بَوْله مُدَّة.
قَالَ: كَانَ بالقطان الطَّوِيل الْعَظِيم اللِّحْيَة وجع فِي معدته مزمن فأشرت عَلَيْهِ بشراب قوي صرف فَلَمَّا شربه انحط ذَلِك الوجع إِلَى سرته وَاحْتبسَ بَوْله ومثانته مَمْلُوءَة فبوله بعض المبولين وَأَنا لَا أعلم فأسرف فِي ذَلِك مرّة بعد مرّة أَعنِي إِدْخَال المبولة فَجعلت مثانته بِحَالَة حَتَّى كَانَ بَوْله يخرج بِلَا إِرَادَة وَكَانَ فِيمَا يخرج خلط أَبيض خام فقدرت أَنه ذَلِك الَّذِي نزل وَكَانَ سَببا لحقن الْبَوْل ثمَّ أَصَابَهُ استرخاء فِي رجلَيْهِ جَمِيعًا فَلَمَّا بعث إليَّ جِئْته والأطباء يدهنون رجلَيْهِ جَمِيعًا