(أَمْثِلَة من قصَص المرضى وحكايات لنا نَوَادِر) يرد إِلَى هَهُنَا مَا فِي مسَائِل أبيذيميا وَمَا فِي أبيذيميا وَإِيَّاك والتواني فِي ذَلِك فَإِن فِيهَا نفعا عَظِيما جدا وخاصة من الْمسَائِل فَإنَّا قد جَمعنَا هَذِه الْأَمْثِلَة هَهُنَا وأردنا أَن نجمع مسَائِل أبيذيميا إِلَيْهَا ثمَّ نقيس عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله عز وَجل.
كَانَ بِأبي عبد الله بن سوَادَة حميات مختلطة تنوب مرّة فِي سِتَّة أَيَّام وَمرَّة غبا وَمرَّة ربعا وَمرَّة كل يَوْم ويتقدمها ألف هـ نافض يسير وَكَانَ يَبُول مَرَّات كَثِيرَة فحكمت أَنه لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون هَذِه الحميات تُرِيدُ أَن تنْقَلب ربعا وَإِمَّا أَن يكون بِهِ خراج فِي كلاه فَلم يلبث إِلَّا مديدة حَتَّى بَال مُدَّة فأعلته أَنه لَا تعاوده هَذِه الحميات وَكَانَ كَذَلِك وَإِنَّمَا أضلني فِي أول الْأَمر غَرِيب القَوْل بِأَن بِهِ خراجاً فِي كلاه أَنه كَانَ يحم قبل ذَلِك حمى غب وحميات أخر فَكَانَ الظَّن بِأَن تِلْكَ الْحمى الْمُحْتَرِقَة من احتراقات تُرِيدُ أَن تصير ربعا مَوضِع قوي وَلم يشك أَن فِي قطنه الْبَتَّةَ ثقلاً يقلق مِنْهُ إِذا نَام وأغفلت أَيْضا أَن أسأله عَن ذَلِك وَقد كَانَ كَثْرَة الْبَوْل يُقَوي ظَنِّي بالخراج فِي الكلى إِلَّا أَنِّي كنت لَا أحكم أَن أَبَاهُ كَانَ ضَعِيف المثانة يَعْتَرِيه هَذَا الدَّاء وَهُوَ أَيْضا قد كَانَ يَعْتَرِيه هَذَا الدَّاء فِي صِحَّته فَيَنْبَغِي لنا أَن لَا نغفل بعد ذَلِك بغاية التَّقَصِّي وَلما بَال الْمدَّة أكببت عَلَيْهِ بِمَا يدر الْبَوْل حَتَّى صفا الْبَوْل من الْمدَّة ثمَّ سقيته بعد ذَلِك الطين الْمَخْتُوم والكندر وَدم الْأَخَوَيْنِ فتخلص من علته وبرأ برءاً تَاما سَرِيعا فِي نَحْو شَهْرَيْن وَكَانَ الْخراج صَغِيرا ودلني على ذَلِك أَنه لم يشك إليَّ فِي الِابْتِدَاء بثقلفي قطنه لَكِن بعد أَن بَال مُدَّة فَقلت لَهُ: هَل كنت تَجِد ذَلِك قَالَ: نعم فَلَو كَانَ كثيرا لقد كَانَ يشكو ذَلِك وَأَن الْمدَّة فنيت سَرِيعا فَدلَّ ذَلِك على صغر الْخراج فَأَما غَيْرِي من الْأَطِبَّاء فَإِنَّهُم كَانُوا بعد أَن بَال مُدَّة أَيْضا لَا يعلمُونَ حَاله الْبَتَّةَ. 3 (قصَّة علك الحاسب) جَاءَنِي علك الحاسب فَشَكا إِلَى أَن بِهِ قولنجا وَلم يفصح الْوَصْف فأشرت عَلَيْهِ بالمري فَأَخذه فَكُن عَنهُ ثمَّ أَنه عَاد إِلَيْهِ الوجع فِي بَطْنه أَيَّامًا مَعَ احتباس الطبيعة ثمَّ أَصَابَهُ بعقبه سحج سوداوي مَاتَ مِنْهُ وَهُوَ غَائِب عني فَيَنْبَغِي أَن تعلم أَنه قد يهيج بِقوم وجع فِي بطونهم شَدِيد من مدَار رَدِيء تنصب إِلَى معاهم فَيعرض مِنْهُ مثل القولنج وَلَيْسَ بِهِ فَيُصِيبهُ بعقبه سحج شَدِيد رَدِيء وخاصة أَصْحَاب الطبائع السوداوية وَكَذَلِكَ كَانَ علك الحاسب فَهَؤُلَاءِ أسهلهم بدواء لين ثمَّ اِسْقِهِمْ واحقنهم بالمغريات إِن شَاءَ الله تَعَالَى. 3 (قصَّة ابْن عمرويه) كَانَ هَذَا رجلا مستعداً للسرسام جدا وَكَانَ قد أَصَابَهُ قبل قدومي سرسام فتخلص مِنْهُ بِأَن مَال ألف هـ الْفضل إِلَى أُذُنه فتولدت فِيهَا نواصير وَكَانَ فصد فِي ابْتِدَاء هَذِه