بالأدهان الحارة فحدست أَن مثانته ألمت وألم باشتراكها الأعصاب الجائية إِلَى الرجلَيْن لِأَن أعصابها قريبَة بَعْضهَا من بعض وَأَن هُنَاكَ ورماً فِي منابت تِلْكَ العصب فضمدت قطنه فَلم يلبث إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى حرك رجلَيْهِ شَيْئا شَيْئا إِلَى غَايَة مَا كتبت هَذِه الْقِصَّة.
كَانَ بِأبي الْحسن الْخياط عِلّة حارة فَخرج مِنْهَا بعلاجي لَهُ ثمَّ شكا إليَّ ضعف الْمعدة فسقيته أَقْرَاص الْورْد السنبلية فَحم على الْمَكَان حمى حادة فتلافيت ذَلِك من بعد.
هاج بِرَجُل كَانَ مَعنا فِي طريقنا حِين قدمنَا وَهُوَ أَبُو دَاوُد الَّذِي كَانَ يَقُود الْحمار رمد فَلَمَّا بَدَأَ أَشرت عَلَيْهِ أَن يفصد فَلم يفعل وَاحْتَجَمَ وَأخذ دهن ورد كَانَ مَعَه فقطره فِي أُذُنه قدر أُوقِيَّة وأسرف وَأَنا أنهاه عَن ذَلِك أَشد النَّهْي حَتَّى ضجرت وَلم يقبل مني فَلَمَّا كَانَ من غَد ذَلِك الْيَوْم اشْتَدَّ الْأَمر بِهِ حَتَّى لم أر مدا أغْلظ مِنْهُ قطّ وَخفت أَن تَنْشَق طَبَقَات عَيْنَيْهِ وتسيل ألف) هـ لِأَنَّهُ لم يبْق من الْقَرنِي شَيْء إِلَّا مِقْدَار العدسة لعلو ورم الملتحم. فَلَمَّا أجهده الْأَمر فصدته وأخرجت لَهُ من الدَّم ثَلَاثَة أَرْطَال أَو أَكثر من ذَلِك فِي مرَّتَيْنِ ونقيت عينه من الرمص ودبرته بالأبيض فَنَامَ من يَوْمه وَسكن وَجَعه وبرأ من الْغَد الْبَتَّةَ حَتَّى تعجب النَّاس مِنْهُ.
كَانَ بِخَالِد الطَّبَرِيّ عِلّة حادة من تَعب أَصَابَهُ فسقيته مَاء الشّعير وَنَحْوه حَتَّى طفئت بعض الانطفاء فهاج بِهِ وجع فِي نَاحيَة الخاصرة والحالب أقلقه فَتوهم الْأَطِبَّاء أَنه قولنج وَأَرَادُوا أَن يسقوه الجوارشات الحارة لأَنهم قدرُوا أَن مَاء الشّعير أضرّ بِهِ على أَنه قد كَانَت بمعدته بَقِيَّة من الْعلَّة الحادة فجسست الْموضع فَوَجَدته حاراً صلباً ثمَّ سَأَلته هَل يحس فِيهِ بضربان فَقَالَ: شَدِيد. فحدست أَن بِهِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَة ورماً حاراً ففصدته الإبطي وأخرجت لَهُ قَرِيبا من مِائَتي دِرْهَم فِي مرّة ثمَّ سقيته مَاء عِنَب الثَّعْلَب والهندباء ولب الْخِيَار شنبر أَيَّامًا فبرأ. فحين فصدت خف مَا بِهِ بوقته ذَلِك وَكَانَ حدسي أَن مَادَّة الْعلَّة طفئ بَعْضهَا وانتقل بَعْضهَا إِلَى ذَلِك الْموضع لِأَنَّهُ لم يكن فِيهَا استفراغ ظَاهر.
كَانَ بالعبادي جارنا على حارة ثمَّ ثقلت ودام المَاء على ضبعه أَيَّامًا كَثِيرَة وَكَانَ يخف حينا ويثقل حينا وَالْمَاء لَا يُفَارق ضبعه والحمى تقلع وتعاود ففصدته بعد مُدَّة وفجر الباسليق وأسرف الفاصد فِي إِخْرَاج الدَّم فأبيض بَوْله يَوْمه ذَلِك وبرأ برءاً تَاما.
ابْنة أبي الْحسن بن عبدويه شربت لبن اللقَاح على الْعَادة بِلَا مشورتي وَكَانَت إِذا انفخها اللَّبن أخذت دَوَاء الْمسك وَلم يتَقَدَّم لَهَا لَا فصد وَلَا مسهل فحمت حمى مطبقة وَظهر بهَا إمارات الجدوى فَحدث جدري على جدري أَربع مَرَّات وَحين بدا الجدري وفوضت إِلَى تدبيرها بادرت إِلَى الْعين فقويتها بالكحل الْمَعْمُول بِمَاء الْورْد فَلم يخرج فِي عينيها شَيْء الْبَتَّةَ على أَنه قد كَانَ حولهما أَمر عَظِيم جدا فَعجب لذَلِك الْعَجَائِز اللواتي كن حولهَا من سَلامَة عينيها وألزمتها مَاء الشّعير وَنَحْوه مُدَّة وَلم تَنْطَلِق طبيعتها كَمَا تكون بعقب هَذِه الْعلَّة وَبَقِي بهَا بقايا حمى حارة فحدست أَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ لِأَن ألف هـ الْخَلْط الْبَاقِي لم يخرج بالإسهال على الْعَادة فَلم يُمكن أَن أستفرغها ضَرْبَة لضعف الْقُوَّة فألزمتها النقوع سحرًا