وَأَن الشَّافِعِي كَانَ إِمَامًا وَكَلَام الْأَئِمَّة بَعضهم فى بعض يجب أَن لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا يعرج عَلَيْهِ فِيمَن صحت إِمَامَته وعظمت فى الْعلم غَايَته وَلَقَد أَكثر ابْن عبد الْبر فى تصانيفه وَلَا سِيمَا فى هَذَا الْكتاب النَّقْل عَن هَذِه الْأَئِمَّة بثنائهم على الإِمَام أبي حنيفَة وَكَذَا غَيره من الْأَئِمَّة المعتبرين من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه وَقد بسطت ذَلِك فى كتابي الْكَبِير قَالَ ابْن عبد الْبر وَأَبُو حنيفَة أقعد النَّاس بحماد بن أبي سُلَيْمَان
أعلم أَن الإِمَام أَبَا حنيفَة قد قبل قَوْله فى الْجرْح وَالتَّعْدِيل وتلقوه عَنهُ عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ وَعمِلُوا بِهِ كتلقيهم عَن الإِمَام أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَغَيرهم من شُيُوخ الصَّنْعَة وَهَذَا يدلك على عَظمته وشأنه وسعة علمه وسيادته فَمن ذَلِك مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فى كتاب الْعِلَل من الْجَامِع الْكَبِير حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان عَن جرير عَن يحيى الْحمانِي سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول مَا رَأَيْت أكذب من جَابر الْجعْفِيّ وَلَا أفضل من عَطاء بن أبي رَبَاح وروينا فى الْمدْخل لمعْرِفَة دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقى الْحَافِظ بِسَنَدِهِ عَن عبد الحميد الْحمانِي سَمِعت أَبَا سعد الصَّنْعَانِيّ وَقَامَ إِلَى أبي حنيفَة فَقَالَ يَا أَبَا حنيفَة مَا تَقول فى الْأَخْذ عَن الثَّوْريّ فَقَالَ اكْتُبْ عَنهُ فَإِنَّهُ ثِقَة مَا خلا أَحَادِيث أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث وَحَدِيث جَابر الجعثي وَقَالَ أَبُو حنيفَة طلق بن حبيب كَانَ يرى الْقدر وَقَالَ أَبُو حنيفَة زيد بن عَيَّاش ضَعِيف وَقَالَ سُوَيْد بن سعيد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ أول من أقعدني للْحَدِيث أَبُو حنيفَة قدمت الْكُوفَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة أَن هَذَا أعلم النَّاس بِحَدِيث عَمْرو بن دِينَار فَاجْتمعُوا عَليّ فحدثتهم وَقَالَ يَعْقُوب بن شيبَة قلت لعَلي بن الْمَدِينِيّ كَلَام رَقَبَة بن مَسْقَلَة الذى يحدثه سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن