مكفوف الْبَصَر يُقَال لَهُ أَبُو الْفضل جَعْفَر الضَّرِير من أهل الْعلم والنحو واللغة فقدمه الْحَاكِم وخلع عَلَيْهِ وأقطعه ولقبه بعالم الْعلمَاء فَسَأَلَهُ الْحَاكِم عَن النَّاس وَاحِدًا وَاحِدًا فَذكر أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الْعَوام وَغَيره فَوَقع الإختيار على أبي الْعَبَّاس فَقيل للْحَاكِم بِأَمْر الله مَا هُوَ على مذهبك وَلَا مَذْهَب من تقدم من سلفك غير أَنه ثِقَة مَأْمُون مصري عَارِف بِالْقضَاءِ عَارِف بِالنَّاسِ وَمَا فى مصر من يصلح لهَذَا الْأَمر غَيره وَقَامَ أَبُو الْفضل الضَّرِير من عِنْد الْحَاكِم وَقد أحكم لَهُ الْأَمر فَأمر الْحَاكِم أَن يكْتب لَهُ سجل وَشرط عَلَيْهِ فِيهِ أَنه إِذا جلس فى مجْلِس الحكم يكون مَعَه أَرْبَعَة من فُقَهَاء الْحَاكِم كَيْلا يحكم إِلَّا على الْمَذْهَب وَقُرِئَ عَهده على الْمِنْبَر بالجامع الْعَتِيق وزكاه فِيهِ بِأَحْسَن تَزْكِيَة وخلع عَلَيْهِ وَحمل على مركب حسن وَجعل لَهُ النّظر فى الْقَاهِرَة ومصر والحرمين وَسَائِر الْأَعْمَال مَا خلا فلسطين فَإِن الْحَاكِم ولاها أبي طَالب الْمَعْرُوف بإبن بنت البريدي وَلم يَجْعَل لأبي الْعَبَّاس عَلَيْهِ نظر أَو كَانَ هَذَا يجل نَفسه عَن قَضَاء مصر وأعمالها غير أَن هَيْبَة الْحَاكِم جعلته يمتثل أمره وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس يركب يَوْم الْجُمُعَة مَعَ الْحَاكِم ويطلع يَوْم السبت إِلَيْهِ يعرفهُ مَا يجْرِي من الْأَحْكَام وَالشُّهُود والأمناء وَغَيرهم وَمَا يتَعَلَّق بالحكم وَيَوْم الْأَحَد يجلس فى الْجَامِع الْعَتِيق وَيَوْم الثُّلَاثَاء يجلس فى الْقَاهِرَة فى الْجَامِع الْأَزْهَر يحكم بَين أَهلهَا وَيَوْم الْأَرْبَعَاء سَأَلَ فِيهِ الْحَاكِم أَن يَجْعَل لَهُ رَاحَة وَاشْترى دَار بالقرافة يَنْقَطِع فِيهَا من بكرَة يَوْم الْأَرْبَعَاء إِلَى الْمغرب يتعبد فِيهَا ويخلو بِمن يُرِيد من الشُّهُود وَغَيره وَيجْلس يَوْم الْخَمِيس أَيْضا بالجامع الْعَتِيق وَكَانَ كِتَابَة السّجل لَهُ من يَوْم الْأَحَد حادي عشر من شعْبَان سنة خمس وَأَرْبع مائَة
212 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْحسن النَّيْسَابُورِي القَاضِي عرف بقاضي