عليه الجنة} [المائدة: 72].
وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئًا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه، أو صلاة تركها، فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء ... ) الحديث ...
وقد صححه الحاكم (4/ 576).
وهذا وإن كان غير مسلم عندي لما بينته في (تخريج الطحاوية) (ص 367 - الطبعة الرابعة)، فإنه يشهد له هذا الحديث الصحيح فتنبه.
إذا عرفت ما سلف -يا أخي المسلم- فإن عجبي لا يكاد ينتهي من إغفال جماهير المؤلفين الذين توسعوا في الكتابة في هذه المسألة الهامة ألا وهي: هل يكفر تارك الصلاة كسلًا أم لا؟
لقد غفلوا جميعًا -فيما اطلعت- عن إيراد هذا الحديث الصحيح مع اتفاق الشيخين وغيرهما على صحته!
لم يذكره من هو حجة له، ولم يجب عنه من هو حجة عليه وبخاصة منهم الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فإنه مع توسعه في سوق أدلة المختلفين في كتابه القيم (الصلاة)، وجواب كل منهم عن أدلة مخالفه؛ فإنه لم يذكر هذا الحديث في أدلة المانعين من التكفير؛ إلا مختصرًا اختصارًا مخلًا، لا يظهر دلالته الصريحة على أن الشفاعة تشمل تارك الصلاة أيضًا؛ فقد قال رحمه الله:
(وفي حديث الشفاعة: يقول الله عز وجل: (وعزتي وجلالي، لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله)؛ وفيه: فيخرج من النار من لم يعمل خيرًا قط).
قلت: وهذا السياق ملفق من حديثين:
فالشطر الأول منه: هو في آخر حديث أنس المتفق عليه وقد سبق أن ذكرت (ص 33) الطرف الأخير منه.
والشطر الآخر هو في حديث الكتاب:
( ... فيقبض قبضة من النار ناسًا لم يعملوا لله خيرًا قط ... ).
وأما أن اختصاره اختصار مخل، فهو واضح جدًا إذا تذكرت أيها القارئ الكريم ما سبق أن استدركته على الحافظ (ص 34) متممًا به تعقيبه على ابن أبي جمرة؛ مما يدل على أن شفاعة المؤمنين كانت لغير المصلين في المرة الثانية وما بعدها وأنهم أخرجوهم من النار.
فهذا نص قاطع في المسألة ينبغي به أن يزول به النزاع في هذه المسألة بين أهل العلم الذين تجمعهم العقيدة الواحدة التي منها عدم تكفير أهل الكبائر من الأمة المحمدية؛ وبخاصة في هذا الزمان الذي توسع فيه بعض المنتمين إلى العلم في تكفير المسلمين لإهمالهم القيام بما يجب عليهم عمله، مع سلامة عقيدتهم؛ خلافًا للكفار الذين لا يصلون تدينًا وعقيدة والله سبحانه وتعالى يقول: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون}؟!
.. لما تقدم كنت أحب لابن القيم رحمه الله أن لا يغفل ذكر هذا الحديث الصحيح كدليل صريح للمانعين من التكفير، وأن يجيب عنه إن كان لديه -رحمه الله- جواب، وبذلك يكون قد أعطى البحث والإنصاف الفريقين دون تحيز لفئة.