بالشهادتين، كما تدل عليه بقية الأحاديث).
قلت: منها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أنس الطويل في الشفاعة أيضًا:
(فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع.
فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله.
فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله).
متفق عليه وهو مخرج في (ظلال الجنة) (2/ 296).
وفي طريق أخرى عن أنس:
( ... وفرغ الله من حساب الناس، وأدخل من بقي من أمتي النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله عز وجل لا تشركون به شيئًا؟
فيقول الجبار عز وجل: فبعزتي لأعتقنهم من النار.
فيرسل إليهم، فيخرجون وقد امتحشوا، فيدخلون في نهر الحياة فينبتون ... ) الحديث.
أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في (الظلال) تحت الحديث (844)، وله فيه شواهد (843 - 843) وفي (الفتح) (11/ 455) شواهد أخرى.
وفي الحديث رد على استنباط ابن أبي جمرة من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: (لم تغش الوجه)، ونحوه الحديث الآتي بعده: (إلا دارات الوجوه): أن من كل من مسلما ولكنه كان لا يصلي لا يخرج [من النار] إذ لا علامة له)!
ولذلك تعقبه الحافظ بقوله (11/ 457):
(لكنه يحمل على أنه يخرج في القبضة، لعموم قوله: (لم يعملوا خيرًا قط)، وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في (التوحيد).
يعني هذا الحديث.
وقد فات الحافظ -رحمه الله- أن في الحديث نفسه تعقبًا على ابن أبي جمرة من وجه آخر، وهو أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى، فأخرجوهم من النار بالعلامة فلما شفعوا في المرات الأخرى وأخرجوا بشرًا كثيرًا لم يكن فيهم مصلون بداهة، وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم.
وهذا ظاهر جدًا لا يخفى على أحد إن شاء الله.
مباحث ومناقشات:
وعلى ذلك فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلمًا يشهد أن لا إله إلا الله: أنه لا يخلد في النار مع المشركين.
ففيه دليل قوي جدًا أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وقد روى الإمام أحمد في (مسنده) (6/ 240) حديثًا صريحًا في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بلفظ: (الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة ... ) الحديث.
وفيه:
( ... فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله، قال عز وجل: {من يشرك بالله فقد حرم الله