المذهبة (?)، التي جمعت صور بلاد الدنيا (كما قال المؤرخون)، فما يريد المرء إقليماً إلا وجده في الجامع، مصوّراً كهيئته، فيراه من غير أن يتعب بالسفر إليه وصّور كل شجرة، مثمرة وغير مثمرة، ومكة والكعبة فوق المحراب، وإلى جنبها صورة كرمة، حسبوا ما أُنفق عليها فقالوا: إنه بلغ سبعين ألف دينار. والله أعلم.
ويظهر من خبر المأمون (وقد تقدم) أن هذه النقوش بقيت على رونقها وزينتها إلى عصره.
وفي خبر أبي الليث الذي رواه ابن عساكر أنها بقيت إلى سنة 432 هـ، بل لقد بقيت على حالها إلى حريق سنة 461 كما نقل ابن كثير.
وعُلّق في المسجد قناديل البلور، في السلاسل المذهبة، وجُعل فيها المسك، فكان الناس إذا أُطفئت يأخذون بأنوفهم من ريح المسك، وكان فيها ثريا ثمينة نادرة تسمى (القليلة) فبقيت إلى أيام الأمين، وكان يحب البلور، فكتب إلى والي دمشق أن يوجّه بها إليه، فلما قُتل ردها المأمون إلى مكانها، وكانت في محراب الصحابة (محراب المالكي الآن)، ثم ذهبت فجعل مكانها برنية من زجاج، ثم انكسرت فلم يُجعل في مكانها شيء.
وهال الناس ما أنفق الوليد على المسجد، وتكلّموا فيه، وكانت للشعب رقابة فعلية على الخليفة، وإن لم تكن يومئذ صحف ولا برلمان،